الثائر الكردي الكبير سمكو آغا شكاك
 

ان سمكو آغا زعيما لعشيرة الشكاك وحاكم قوتور الحدودية الشخصية المحورية قي حركات الكورد في إيران في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى وحتى الثلاثينات,مارس سمكو منذ بداية زعامته لعشيرة الشكاك دورا وطنيا بارزا في كردستان الشرقية,وذلك عندما تعاون مع عبد الرزاق بدرخان في سني ما قبل الحرب العالمية الأولى ولم يقف دوره بنشوب الحرب أيضا بل مارس نشاطه بشكل أكبر حتى أصبح معروفا في الدوائر الدبلوماسية الروسية و البريطانية والإيرانية و العثمانية,ففي سفارة كل واحدة من هذه الدول وكذلك في وزاراتها الخارجية كان يوجد ملف كبير عن سمكو بحسب تعبير إحدى الوثائق الروسية وتتحدث معظم المصادر عن قوة شخصية سمكو و شجاعته الفائقة و قسوته تجاه معارضيه,كما كان قوميا وطنيا وكان في وسعه أن يصبح في آنا واحد نبيلا وشجاعا وكان هدفه إنشاء دولة كردية مستقلة ويعتبر أشهر من أنجبته كردستان من ثوار حسب ما ذكر هاملتون.

 حياته وشخصيته:

 هو إسماعيل آغا ابن محمد باشا ابن علي خان, ولد في عام ١٨٩٥ ومن المتبقين من نسله ابنه خسـرو وهو متقاعد وكان يعيش في اسطنبول أما ابنته صفيه خان زوجة شيخ جتو بن سيد طه الشمزيني فيعيشان في اربيل في كردستان الجنوبية.

 لقد كان سمكو شخصا نموذجيا ورجلا أنيقا وكانت قلعته التي شيدها والده تبدو و كأنها "عش نسر"

 وقد وجد الإيرانيون في قصره جهاز بيانو لكن لا احد يذكر بأنه كان يعزف به وأظهر سمكو في تعامله طابعا حضاريا؛ فمد خطوط الهاتف في جميع أنحاء المنطقة .

 وعن عشيرة شكاك يقول العلامة محمد آمين زكي بك :تبلغ ستة الآلف أسرة سيارة,عشيرة شهيرة تقطن ثلاثة شهور في بيوت الشعر, موطنها غربي بحيرة أورميه على الحدود وقد كان تعدادهم عام ١٩٢٠ حوالي الفي أسرة.

 استطاعت هذه العشيرة التي تأتي بعد عشيرة "كه لهور"والشكاك تعيش في المناطق الجبلية من سوما واوررمية

 وكانت تسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي وفي مراحل عديدة خارج المناطق التي تعيش فيها منذ أيام الجد الأكبر"سمكو إسماعيل خان" لما تميز به من خصال قتالية نادرة وهذا ما جعل غالبية رؤساء هذه العشيرة تصمد وتقاتل ضد الايرانين وفي أحيان أخرى ضد التركز

 السلطة الإيرانية التي كانت تحاول دائما أن تحد من تنامي نفوذ هذه العشيرة القوية الشكمية؛لقد لقي العديد من زعمائها مصرعهم نتيجة المؤامرات الدنيئة وكان شقيقه "جوهر آغا" الذي قتل غيلة مع حراسه في عام 1١٩٠٥ بعدما استضيف في تبريز.وذلك لمواقفه المعادية للحكم الإيراني وقد أثار هذا الحادث الأخ الأصغر \سمكو\بقوة؛وثار والده ضد الحكومة مرة أخرى والتجأ إلى العثمانيين للحصول على مساعدتهم للقيام بثورة عارمة على السلطات القاجارية والانتقام منها ولكن العثمانيين خابوا أمله فظل فترة من الزمن في اسطنبول في كنف العائلة البدرخانية.

 وصادف في تلك الفترة مقتل احد المسئولين العثمانيين.فتم اتهام البدرخانين في الحادثة فألقي القبض على عدد كبير منهم وتم أبعاد البعض الأخر وكان من ضمنهم" محمد آغا"؛الذي ابعد إلى جزيرة "رودوس"حيث توفي هناك عام ١٩٠٩ تحت التعذيب

 فانتقلت زعامة العشيرة إلى "سمكو" ولم يتعدى الرابعة عشرة بعد...

 سمكو ونشاطه السياسي والثقافي:

 كان "سمكو" على صلة مع الدوائر القومية الكردية وكانت مشاعره القومية وطموحاته الشخصية تسير جنبا إلى جنب دون احتدام كما انه تزوج من إحدى أخوات السيد "طه الشمزيني"اكبر الشخصيات نفوذا على الجانب الأخر من الحدود و واحد من القادة القومين الكرد فتعاونا معا في كثير من الأمور ولعب السيد "طه" دورا كبيرا في حياة سمكو السياسية

 تقول"اولغا جيغا لينا ":انه تحت تأثيره تكونت وترسخت لدى "سمكو" فكرة إنشاء (كردستان المستقلة) والتي كان يفهمها بما يلي (تطهير المناطق الكردية من الإدارة الإيرانية وفرض سلطته عليها)

 وكان سمكو يطمح إلى التعاون مع الشيخ محمود الحفيد لتحرير كردستان ولكن الشيخ كان يرى انه من العبث أن يقذف بالأمة إلى الحرب دون مساعدة خارجية وقام بزيارة إلى السليمانية في (٨ ك٢ ١٩٢٣) واستقبل باستعراض عسكري والترحاب الملوكي الرائع الذي تلقاه "سمكو"في السليمانية باعتباره زعيما قوميا بارزا على مستوى كردستان الوسطى.وقد اعتبر أهالي السليمانية وضواحيها يوم وصول "سمكو" يوما تاريخيا مشهورا لما تحمله الزيارة من معان قومية سامية واعلن يوم وصوله عطلة عامة.

 وفي أواخر شتاء١٩٢٢ شارك "سمكو" في اجتماع القادة الكرد بقيادة الشيخ محمود الحفيد,وقد طرح أثناء الاجتماع سؤالا حول موقف الكرد من الأتراك والانكليز,وأسفر الاجتماع عن اتخاذ قرار يقضي بقطع الاتصالات مع الانكليز والتقارب من الأتراك.وكان سمكو خبيرا بالسياستين الانكليزية والتركية فعندما سئل مرة عن سبب عدم الاتفاق مع الانكليز أجاب:"الانكليز والأتراك غير صادقين معنا بخصوص استقلال وتحرر كردستان" إنهم يريدون أن يجعلوا من كل كرديا /خادما/ لهم يتحرك بإرادتهم ووفقا لمصالحهم تريد أن نفعل ما يجعلنا نخجل منه أمام امتنا ,هذا الشيء ليس في وسعي.

 وعندما انسحب الشيخ عبد السلام البرزاني أمام القوات التركية إلى كردستان الشرقية بقي فترة من الزمن عند "سمكو" وذهبا معا لزيارة نائب القيصر الروسي في القفقاس ليطلبا منه مساعدة روسيا القيصرية لتحقيق أهداف الحركة التحررية الكردية.

 وكذلك الأمر عندما التجأ الزعيم الوطني عبد الرزاق بدرخان بك الى كردستان الشرقية تعاون الزعيمان وأسسا أول مدرسة كردية في مدينة "خوي"في تشرين الأول عام ١٩١٣ كما قاما بتأسيس جمعيتين سياسيتين قوميتين ولأول مرة في تاريخ كردستان الشرقية وهما جمعيتي "جيهانداني" أي معرفة العالم التي تأسست عام ,١٩١٢ وجمعية /استخلاص كردستان/ والتي طالبتا قيادة النضال الكردي الموحد بإنشاء دولة كردستان المستقلة الموحدة.

 وكان السيد "طه" و"عبد الرزاق بدرخان بك" و"جوهر أغا" شقيق "سمكو" ممن دعو إلى روسيا وهذا عائد إلى علاقات هذين الشخصين القوميين مع والد سمكو وشقيقه جوهر اغا.

 بدأ عبد الرزاق بإصدار صحيفة كردية في أورمية سنة ١٩١٢.غير إن الروس أبعدوه عن أورمية في ما بعد .

 فواصل سمكو إصدارها,ويؤكد صاحب المطبعة التي كانت تطبع الصحيفة في أورميه بأن سمكو تمكن أخيرا من إصدار صحيفة أسبوعية كردية تحت اسم //روز كرد-شه و عه جم// أي //نهار الكرد –ليل العجم//

 وصدر العدد الأول منها في ((١٢ شوال ١٣٤٠ هـ )) نهاية عام ١٩١٢ إلا أن سمكو غير اسم الجريدة إلى روز كرد ثم إلى كرد وتوقفت عن الصدور عام ١٩١٤م

  سمكو أغا وعلاقته مع الروس:

 في فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى كانت خطط الروس بالنسبة للأكراد تتركز أساسا عن الحرب المقبلة وآفاقها التي كانتا تدور حول تحقيق قفزة جديدة باتجاه الجنوب,كان من المتوقع لها أن تشمل هذه المرة جزئا حساسا من كردستان ,وهذا ما يفسر لنا اهتمام الروس بالمنطقة مع اقتراب الحرب العالمية الأولى فارتفع عدد الذين زاروها وتجولوا في أصقاعها النائية وتحمس المسئولون أكثر لإقامة علاقات ودية مع رؤساء العشائر الكردية,المتنفذين من أمثال سمكو وعبد الرزاق بدر خان بك وآخرون, وكما إن زعيم عشائر الشكاك سمكو تعاون مرارا مع الدبلوماسيين الروس وسعى إلى نيل العون منهم .

 ومنحه الروس مكافأة شهرية مقدارها خمسة آلاف روبل ذهبية بعد أن أطلقوا سراحه من الأسر,(عندما نفوه إلى جورجيا بعد حوادث الفتنة بين الاثوريين والمسلمين)وعينوه حاكما على بعض المناطق الكردية ولم يأت ذلك قطعا على نقيض مع منطق القياصرة الذين كانوا ينظرون من على قمم جبال كردستان الشرقية بعيدا إلى الغرب والجنوب. وقبيل انتصار الثورة البلشفية أقامت المنظمات السياسية السرية العاملة في صفوف الجيش الروسي الصلات مع بعض المثقفين الثوريين الكرد,بل إنها أسست لجنة مشتركة من ممثلي الجانبين في منطقة كرمان شاه .ويشير المؤلف الإيراني احمد شريفي إلى اتصال سمكو وسيد طه الشمذيني بلباشفة عندما كانا منفيين في روسيا في بداية الحرب العالمية الأولى .وقبل ان تنتهي الحرب ظهر عنصر مهم جديد على المسرح ارتبط بانتصار ثورة أكتوبر في روسيا و الذي ترك أثارا في أشكال مختلفة على المخططات السرية التي وضعتها الدول الكبرى في سنوات الحرب فقبل كل شيء انسحبت الدولة الجديدة من اللعبة وتخلت عن جميع المعاهدات والاتفاقات السرية والعلنية التي عقدها النظام القيصري السابق.

 /من كتاب كردستان في سنوات الحرب العالمية الأولى للدكتور كمال احمد مظهر/

  سمكو أغا وعلاقته مع الانكليز:

 لم يكن لسمكو أغا أية اتصالات مباشرة أو غير مباشرة مع الانكليز الأبعد عام ١٩١٩ ففي تموز عام ١٩٢١ أرسل سمكو رسالة إلى بابكر آغا البشدري يطلب منه إن يكون وسيطا بينه وبين المسئولين الانكليز في العراق وكان هزا نابعا من دهاء سمكو السياسي ونظرته الواقعية للسياسة الدولية وخاصة بعد خروج روسيا القيصرية من الساحة وانهيار الإمبراطورية العثمانية فقد ذكر في رسالة " إنني ارغب مخلصا إن أقيم علاقة الصداقة مع هزه الحكومة لذلك التمسك إن تتوسطوا عني لأجل تنظيم تفاهم وتبادل ... وهناك نقاط كثيرة يمكن الاتفاق حولها لمنفعة الطرفين عن طريق التفاهم ".

 أما الموظفون الانكليز فكانوا حاقدين على سمكو وينظرون إليه بين الشك وعدم الثقة ... وجاء في مذكرة الضابط السياسي البريطاني في السليمانية المرسلة إلى المندوب السامي البريطاني في بغداد حول رؤية بريطانية لشخصية سمكو "فهو شاب قوي وقاسي ولا يعتمد على كلامه دائما ولكن في الوقت نفسه لو لم يكن هو كذلك لما كان باستطاعته الاحتفاظ بهذا الموقف القوي الذي حصل عليه ... "

 وكان للحكومة البريطانية دور كبير في فشل حركات سمكو الاستقلالية بمساعدتها للحكومة الإيرانية ماديا و عسكريا وبالتجربة والإرشادات,كما رحبت الصحافة البريطانية بانتصار القوات الإيرانية على سمكو وجاهرت الحكومة البريطانية في كل مناسبة بعدائها لسمكو وحركاته,وهذا أدى إلى ان يعتقد البعض بان اغتيال سمكو في عام 1930 كان بتخطيط وإرشاد ومتابعة المسئولين الانكليز في إيران وجدير بالذكر إن سمكو كان يسعى إلى توحيد جميع أراضي كردستان الكبرى في دولة قومية مستقلة .

 وهذا يظهر واضحا في قول مس بيل سكرتيرة الدائرة الشرقية للمندوب السامي البريطاني في العراق"في أيار 1919م أوفد سمكو السيد طه إلى بغداد للتباحث مع الانكليز ونيل تأييدهم لإنشاء دولة كردية مستقلة وقد عرض السيد طه المطالب الكردية للمسئولين الانكليز في بغداد بما يلي:

 · تدعم بريطانيا إنشاء دولة كردية فدرالية مكونة من الولايات الكردية في إيران وتركيا.

 · تقدم الحكومة البريطانية الدعم المادي والعسكري للدولة الكردية مقابل قبول الكرد للانتداب البريطاني عليهم أسوة بالحالة في العراق.

 وتذكر مس بيل أيضا "إن عداء سمكو لإيران التي عقدنا معها اتفاقية خاصة ,وضع حدا لأي أمل يمكن أن يعقده على مساعدتنا لتكوين وحدة قومية بين كردستان تركيا والعراق".

  سمكو أغا والعلاقة مع الأتراك:

 وجه سمكو آغا بان نضاله التحريري يحتاج إلى الأسلحة والذخيرة الحربية التي يجب ان تؤمن من إحدى الجهات فأنه توجه اى تركيا وذلك لموقف بريطانيا السلبي. وأوضاع روسيا السوفيتية لم تكن تسمح بتقديم العون المادي للأكراد " وأكد سمكو في معرض رده ل مصطفى باشا ياملكي / اكره القوميين الترك واعتقد أنهم أكثر عداوة للكرد من الإيرانيين ولكن أرسلت سيد طه إلى بغداد ولكن مع الأسف كان ذلك دون جدوى /

 دفع فشل ثورة الشيخ محمود الحفيد بالكرد العراقيين إلى الميل أكثر نحـو الأتراك حيث وجدوا فيهم الحلفاء الوحيدين . ولكن الأتراك الكماليــيـن لم يلتزموا بنهج تقديم العون للحركة الكردية في إيران حتى النهاية, فقد خانوا سمكو آغا في أحلك الظروف .بل حاولوا القضاء عليه في الوقت الذي كان لاجئا في الأراضي الخاضعة لسيادتهم . وذلك بان أرسلوا مفرزة صغــــيرة تسللت خلسة إلى معسكر سمكو آغا وهاجمت بالبنادق والقنابل المعسكر فأحدثت خسائر فادحة إذ قتل العديد من أعوان سمكو آغا البارزين إضافة إلى إحدى زوجاته واسر ابنه / خسرو / وأخذه كرهينة ونهب مقره وأخذ جميع أمواله لكن سمكو آغا وأخوه مع بعض أنصاره من النجاة بصعوبة ووصلوا إلى راوندوز .

 هذا الانقلاب المفاجئ بالسياسة التركية تجاه سمكو آغا كان ظهور النوايا الحقيقة للكماليين تجاه الأكراد . دفع ذلك شعور زعماء الأتراك بالخطر من تواجد سمكو آغا في المناطق الكردية الخاضعة لهم مما قد يؤدي إلى استئناف انتفاضة في ذلك الجزء من كردستان .وزاد في ذلك تلك الزيارة التي قام بها السياسي الكردي من السليمانية /مصطفى باشا ياملكي / إلى مناطق نفوذ سمكو آغا والتقائه به في خريف عام 1921 ومحاولته إقناعه بتفجير وتوجه ثورته صوب تركيا .ومطالبة السلطات الإيرانية أنقرة بتسليمها سمكو آغا ونتيجة لذلك ومن مبدأ القضاء على المشكلة في مهدها ,حاول الكماليون اغتيال سمكو آغا للتخلص من الإشكالات التي قد يخلقها للسلطة التركية الجديدة .فالزعماء الكمالية وعلى رأسهم مصطفى كمال نفسه يعرفون بمعاداتهم للحركة الكردية بشكل عام ولكنهم اضطروا إلى التعامل مع انتفاضة سمكو آغا بصورة مختلفة انطلق الكمالية من اعتبارات عديدة لاتخاذ هذا الموقف منها

 –ضمان حدودهم الشرقية

 – دعم ثورة سمكو آغا يؤدي إلى كسب ود الكرد بشكل عام ويؤدي إلى تفاقم الأوضاع في إيران التي تمارس بريطانيا النفوذ عليها إلى دفع / لندن / إلى أن تكون أكثر مرونة تجاه ما كانت تسمى بالمسألة التركية .

 سمكو أغا وحادثة مقتل مار شمعون:

 لقد وقف المؤرخون مواقف متباينة من هذه الحادثة وأعطوها تفسيرات مختلفة فقد أعتبرها البعض من المؤرخين الكرد صفحة سوداء في تاريخ الحركة التحريرية الكردية والبعض اعتبرها خطأ تاريخيا ومنهم من عدها خطوة غير حكيمة من جانب سمكو أغا . فما الدافع والمحرض لسمكو أغا لقتل مار شمعون وقدا وضحها في إجابته على سؤال مصطفى باشا ياملكي قال : / لأسباب عديدة استقر بي الرأي على قتل مار شمعون الذي كان يخطط من وراء ظهورنا للسيطرة على كردستان الشمالية, وفي الوقت المحدد قمت بقتله ووضعت حدا لطموحاته السياسية ... /

 وبقي علاء الدين السجادي الكاتب الكبير من الذين لم يدينوا سمكو أغا على اغتياله لمار شمعون إذ يقول " جاء الروس وحرضوا مار شمعون وأعطوه وعودا كثيرة وتحدثوا معه ليحسم لهم مسالة وجود سمكو أغا الذي كان عائقا كبيرا أمام أهداف الروس من جانب مار شمعون ومن جانب أخر بدا مار شمعون يراسل سمكو أغا بحجة إنشاء كيان / كردي – ارمني / ولكن هدفه الحقيقي كان الالتفاف على سمكو أغا والقضاء عليه وعلى الكرد وبذالك تصبح الحكومة / ارمنية –أشورية / كان سمكو أغا يفهم جيدا نوايا مار شمعون والاثوريين الحقيقة لذالك خطط للقضاء عليهم قبل أن ينفذوا مأربهم "

 وكان قد تم تشكيل الكتائب الاثورية بمساعدة فرنسا وبريطانيا بهدف ملء الفراغ العسكري الذي أحدثه انسحاب الجيش الروسي وكان يتم ذلك بإرشاد وتخطيط الضباط الانكليز وبخاصة /غريسي /المشرف العسكري البريطاني في المنطقة حاول الاثوريون جادين استمالة اكبر زعيم قومي كردي في شقي كردستان وأكثرهم جرأة ومناورة وهو إسماعيل أغا الشكاك المعروف شعبيا بـ/ سمكو أغا/ صاحب أكثر من ٢٠٠٠ مقاتل من الأكراد وكان مصلحة الانكليز تتمثل في وضع خط دفاعي متلاحم بوجه الخط العثماني وعودته إلى أذربيجان .

 وجرت حادثة القتل بعد إن دعا مار شمعون سمكو أغا إلى سلماس لملاقاته والحديث عن إقامة علا قات ودية وصداقة بين الجانبين بالإضافة إلى مناقشة مواضيع حول مستقبل أذربيجان الغربية وأوضاعها لاجتماعية والسياسية والاقتصادية وبعد انتهاء المحادثات ترك مار شمعون مكان الاجتماع بهدف الرجوع ولكن سمكو أغا الذي كان عارفا بشكل جيد بمخارج ومداخل الموقع وكان قد اصدر أوامره مسبقا إلى مائة منة فرسانه

 بمحاصرة موكب مار شمعون بشكل سري وينفذوا الخطة المتفق عليها وهكذا عندما اقترب مار شمعون من موكبه سمع صوت مسدس سمكو أغا أصاب مار شمعون ووقع على أثرهم كما لحقته أصوات بنادق فرسان سمكو آغا ليقضي على جميع مرافقيه ولم ينج منهم سوى واحد اواثنين وكشف سمكو آغا فيما بعد بأنه لبى هذه الدعوة بهدف اغتيال مار شمعون والتخلص منه وانه لم يفصح عن نيته تلك حتى لأقرب المقربين إليه مثل أخيه علي أغا .

 وكان اغتيال مار شمعون بداية فعلية لنهاية دور الاثوريين في الحرب العالمية الأولى وتواجدهم في أذربيجان الغربية وطردوهم من ساحة الصراع. فلاشك إن اغتياله قد أثار حماس الاثوريين الذين بدئوا يحرقون الأخضر واليابس ثارا لزعيمهم.إلا أن هذا الحماس لم يبق له وجود بعد فشلهم في القبض على سمكو أغا من جهة وعدم مقدرتهم على مواجهة الزحف العثماني إلى المنطقة مجددا من جهة أخرى والتي نتج عنها تخلخل و ارتباك الاثوريين ,وأصيبوا بيأس وقنوط شديدين ,وهذا راجع إلى ضيق الأفق السياسي للقيادة الكهنوتية الإقطاعية الاثورية وفقدانها للتجربة السياسية والبرنامج المنظم واللعب الروسي والبريطاني بالورقة الاثورية في المنطقة كأداة طيعة تخدم مصالحهما الإستراتيجية والسياسية والعسكرية.وقد دفع الآثوريين ثمن مغامرات هذه القيادة الثيوقراطية التي لم تستطع فهم وإدراك وتقييم واستيعاب المؤامرات والسياسات الاستعمارية الشائكة والمعقدة في المنطقة وبعدهم عن إقامة علاقات مباشرة مع القوى والحركات التحررية والقومية والوطنية الأخرى في المنطقة.

 ثورة سمكو آغا ١٩٢٠ :

 ازدادت سطوة سمكو آغا بعد مقتل مار شمعون في كردستان الإيرانية وخارجها . فتمكن حينئذ من توسيع رقعة سلطته أكثر . فحرر مناطق / تركور / و/ شارويران / و /اوزمية / و /مياندوب / من حكام إيران إلى أن وصل إلى حدود كردستان تركيا . فالتفت جميع العشائر الكردية في تلك الأصقاع حوله . فهيأ نفسه وقواته لتحرير تبريز , حيث استغل وجود قلاقل و انتفاضات في الأجزاء الأخرى من إيران فكان /الشيخ خزعل العبي/ منتفضا في خوزستان وكانت قدم خير / الكردية الفيلية ثأره في لورستان . لذا بدأ بتحرير مناطق أخرى من كردستان الإيرانية فتوجه مدن /بانة / و/سقز / و/خورخورة / و /تيله كو / و/ديوانةدرة / إلى أن وصل إلى مدينة سنندج /سنة / مركز ايالة كردستان الإيرانية ,وكان/ رضا خان البهلوي /وزيرا للحربية آنذاك فجرد حملة قوامها 500 مسلح على سمكو آغا باتجاه سابلاغ / مها باد / وكاد أن يدخلها إلا أن القائد الكردي سمكو آغا تمكن من صد الهجوم وإبادة المهاجمين فأرسلت 3 أفواج أخرى نظامية عليه فلم يكن مصيرها أحسن من الأولى فوسع بذلك سمكو آغا رقعة حكمه أكثر.وتوجه الأمير ارشدي سنة ١٩٢٢ بقوة قوامها إلف فارس مقاتل من تبريز بقصد القضاء على سمكو وحركته الصاعدة.إلا انه قضى عليها في شمال بحيرة أورمية, فانتشرت أنباء سطوة سمكو في جميع إنحاء إيران والدول المجاورة لها .وبعد عودة الشيخ محمود الحفيد من منفاه في الهند إلى السليمانية في أيلول ١٩٢٢ و إعلان تشكيله حكومته الثانية في ١٠\١٠\١٩٢٢.فاثر هذا في معنويات الثائر سمكو آغا فقام بزيارة إلى السليمانية لملاقاة ملك كردستان يرافقه \400\من مقاتليه من اجل تأسيس كيان كردي موحد في كردستان فأمتعض الانكليز من زيارة سمكو هذه إلى السليمانية خوفا من توحيد جهودها وحصول مالا يحمد عقباه بالنسبة إلى مصالحهم الاستعمارية.

 سمـكو مـلـك كردســـتان المــستـتقـلة:

 أن الانجازات الكبيرة للثورة ثورة سمكو وعملياتها الناجمة؛فقد شجعت لتوسيع نطاق الانتفاضة صوب الجنوب فكلف للسيد طه بهذه المهمة فتم تحرير مدينة/ســقز/ دون قتال وتلاه تحرير مناطق/تيله كو/و/خور خوره/و/ديوانده/في الطريق إلى مدينة /سنة/المهمة التي استسلمت أيضا.وفي عام ١٩٢٢ نصب سمكو نفسه ملكا على (كردستان المستقلة) بعد إن ضم إليها المناطق التي لم يستول عليها أيضا وكان شعر هذه المملكة حديثة العهد ؛يتألف من مدفعين جبليين متصالبين منقوش عليها كلمة(كردستان مستقلة)وحول مملكة كردستان هذه تقول الباحثة جيفا لينا:(في عام ١٩٢٢ لوحظ نهوض الحركة الكردية عندما انتقل الثوار إلى خوض عمليات نشيطة ضد حاميات القوات الإيرانية وفي ربيع عام ١٩٢٢ نصب سمكو آغا نفسه ملكا على كردستان المستقلة وشكل حكومته التي حاولت إقامة علاقات دبلوماسية مع الدول الأجنبية . وازداد في ضواحي باريس نشاط مصطفى باشا نمرود أحد حلفاء سمكو آغا.وحول سمكو صاو جبلاق إلى عاصمة دولته حيث صدرت فيها صحيفتها الرسمية (كردستان المستقلة).ولم يسمح للموظفين الحكوميين الدخول أليها كما انضم إلى الانتفاضة الزعماء الكرد علي مردان خان . والسردار امان الله خان ,واتحاد عشيرة سنجابي,وعقد سمكو اتفاقيات مع خانات عشائر لورستان بشان الأعمال المشتركة ضد طهران.وتواصلت نجاحات سمكو في صيف عام ١٩٢٢ ففي أوائل حزيران تمكن من دمر القوات الحكومية بالقرب من صاوجلاق "مها باد"وراح يصد تبريز وسرعان ما سقطت همدان وتوسعت مناطق الثورة شرقا وجنوبا.

 وقد انتشرت الإشاعات في حينه أن الحكومة الإيرانية ستمنح الكرد استقلالا ذاتيا بعد ان فشلت في إخضاعهم ,إلا أن هذه الإشاعات لم يكن لها أساس من الصحة,فمنذ انقلاب رضا خان في شباط عام ١٩٢١ كرس كل جهوده لبناء جيش حديث وقد جاءت الأحداث لترينا أن جهوده هذه قد أثمرت.

  

حادثة اغتيال سمكو أغا:

 أيقنت الحكومة الإيرانية انه ليس بالإمكان القضاء على سمكو آغا عن طريق المعارك و الحروب ففكرت في تدبير خطط ومؤامرات دنيئة لاغتياله فأرسلت دعوة رسمية إلى سمكو آغا بان الشاه يود أن يلتقيه في مدينة /شنو / لإجراء مباحثات حول جميع المشاكل المستعصية بينهما شريطة أن لا يجلب إلا القليل من الحراس لأنه يقابل "الشاه نشاه" فوافق سمكو على هذه الدعوة وكان ذلك يوم 21 حزيران عام 1930 وعندما وصل سمكو أغا إلى المدينة لم يكن الشاه موجودا فقابله قائد القوة العسكرية المرابطة فيها /سرهنك صادق خان / فرحب به أجمل ترحيب و اعتذر له عن عدم قدوم الشاه بسبب مشاغل طارئة حالت دون حضوره فقام هو بحسن الضيافة بعد أن اظهر صادق خان حسن نية حكومته تجاه هذا الضيف الكريم استودعه سمكو أغا فرافقه صدق خان إلى جسر في واد خارج المدينة وصافحه بحرارة و لما ابتعد عنه خطوات أشار إلى قواته العسكرية المخبأة في كمائن سرية فرشقت تلك المفارز موكب سمكو أغا بصليات متواصلة من رشاشاتها بصورة مفاجئة فسقط سمكو أغا وأتباعه من رؤساء العشائر / اثني عشرة زعيما كرديا منهم خورشيد آغا الهركي الأخ الأكبر لفتاح أغا الهركي وكريم خان خيلاني ومحمد آغا ومروان آغا من عشيرة كردية من كردستان الشمالية وجرح فتاح آغا وأصيب عدد أخر من رؤساء العشائر الكردية المرافقين له ونجا ابنه خسرو /وكان له من الأولاد طاهر من زوجته أخت محمود أغا الزيباري وباباخان وقباد وهما من زوجته الفارسية ويقيمان في أورمية ,وكان سمكو أغا يتمتع بحب كبير من الكرد وان احد فصائل البشمركة في كردستان إيران كانت تحمل اسم سمكو وكان يقودها نجله طاهر خان .

 ونفذت السلطات الإيرانية العديد من الاغتيالات السياسية بحق الزعماء الكرد منهم اسماعيل خان الكبير الجد الأعلى لسمكو وجده علي آغا وشقيقه جوهر آغا .ومن بعده تم اغتيال القائد الكبير الدكتور عبد الرحمن قاسملو عام ١٩٩٢ والدكتور صادق شرفكندي . وفي إيران الفاشية الحاقدة يصفون الاغتيالات السياسية بالشجاعة والدهاء و الكفاءة السياسية وينعتونها ب لطائف الحيل .

 من أقواله :

 تمارس الحكومة الإيرانية الظلم والعدوان على الكرد و إنا ألان ابذل قصارى جهدي لتحريرهم من السيطرة الفارسية .

إن الفرس قتلوا أجدادنا ... وسآخذ بثأري منهم .

 كيف تمكنت القوميات الصغيرة في العالم وعددها لا يصل إلى ربع عشيرة كردية من الحصول على استقلالها من الحكومات الكبرى , كحكومة ألمانيا مثلا .

إذا لم تحصل الأمة الكردية على حقوقها من الفرس فيجب إن تموت وسواء قبل الفرس أم لم يقبلوا ,فإننا سنقيم كردستان دولة مستقلة ...

الانكليز والترك غير صادقين معنا بخصوص استقلال وتحرير كردستان ...أنهم يريدون أن يجعلوا من كل كردي خادما لهم يتحرك بأوامرهم ووفقا لمصالحهم .