لعلاقات المصرية الكردية : انقطاع طويل وتدارك مضطرب
اميرة الطحاوي


أن يعيش معك وبنفس المنطقة شعب يتعدي الثلاثين مليون نسمة دون أن تعرف عنه شيئا ذا بال فالأمر يدعو للدهشة، أما انطباق ذلك علي الموقف المصري تجاه المسألة الكردية إدراكا وتعاطياً فهو أمر يستوقف أي مراقب، فعبر التاريخ تزايدت أرصدة التقارب بين العرب والكرد، كما تناغمت مصالحهما في مواجهة أعداء مشتركين (غالبا)، وبعض هؤلاء الأعداء في تعاون وتحالف معلن. إن استعراضاً للمحطات الأبرز في العلاقات المصرية الكردية من شأنه توضيح المفارقة اكثر، ودفع الجهود لتفعيل هذه العلاقات مستقبلاً .
قديماً وفي عهد لم يعرف أثناءه العرب ولاءً يجبُّ انتماءهم الإسلامي كانت العلاقات المصرية الكردية، واندفعت أثناء حكم صلاح الدين الأيوبي لمصر والشام وأجزاء من ليبيا، يحيط نفسه بالجنود من كل بلد يفتحه دون إيثار لبني جلدته، ينتصر في حطين 1193م. رافعاً راية العرب والمسلمين أمام مد أوروبي متسربل بالدين. وفي عهده ومن تلاه اختلط الكرد ممن أقاموا بالبلاد بأهلها، منصهرين في البوتقة المصرية، وتوالي وفود الكرد الفارين من الدولة العثمانية علي المحروسة . بوصول الحملة الفرنسية علي مصر (1798 ــ 1801 ) تتلقي الضربة تلو الأخري، وكان مقتل الجنرال كليبر هو الأشد إيلاما وتقريباً لرحيل الفرنسيين، جاء هذا الحدث علي يد كردي ثائر من الشام يدعي "سليمان الحلبي"، أما أسرة محمد علي التي تناوب أبناؤها بعد ذلك حكم مصر(1805 ــ 1952) فهناك من المصادر ما يشير لأصلها الكردي، فولي عهد البلاد "الأمير محمد علي " يصرح أن الامارة الخديوية تنحدر من أصل كردي إذ أن والد محمد علي باشا من أبناء "ديار بكير" في كردستان تركيا ومنها هرب إلي اليونان بعيداً عن الظلم العثماني، لقد تكرر هروب عائلات كردية من فارس وتركيا وسوريا إلي مصر، حيث لمع الكثير منهم في مجالات الأدب والعلم، كالعائلة التيمورية والأخوين وانلي ثم العقار وشوقي وحتي عوائل محي وكاظم وبدرخان، إلي حد أن بعضاً من قري الريف المصري استقبلت أفواجاً من الهاربين الكرد، واستقروا هؤلاء فيها بصورة جماعية، فتجد قري باسم "منية الأكراد" وما شابه ذلك.

العثمانيون والاكراد
سياسيا: يمارس بعض هؤلاء نشاطهم الداعي لدفع الظلم عن الكرد في الإمبراطورية العثمانية ومثيلتها الصفوية، ينشئ مدحت بدر خان اللاجئ الكردي الجمعيات الكردية والصحف، هو ومن تلاه، مثل نادي الأمل - هيوي وصحيفة كردستان عام 1898، وصحيفة الشمس، وينشط رواق الأكراد بالأرض الشريف طوال النصف الأول من القرن العشرين، يحدث هذا والأسرة الحاكمة توطد علاقتها بالآستانة والفرس إلي حد التزاوج والتصاهر مع حكامهم الذين يسيمون مواطنيهم الأكراد العذاب!
لم تقتصر الأهداف الستة التي وضعتها ثورة يوليو1952 علي الإصلاح الداخلي، بل شملت القضاء علي الاستعمار وأذنابه "وبالطبع مساندة حركات وقوي التحرر الوطني كما حددت الثورة دوائر علاقاتها وانتماءاتها الأهم في الدائرة العربية والأفريقية والإسلامية، واضطلعت القاهرة بدور محوري في تأسيس حركة عدم الانحياز التي شملت منظمات ودولا معظمها من العالم الثالث والجنوب المتأخر تنموياً، من كل ذلك كان متوقعاً بل مقبولاً أن تساند مصر وقتها القضية الكردية .
وسواء تفهم عبد الناصر هذه القضية كشأن عربي (لكونها تتعلق بأقليات قومية جزء منها داخل دولتين عربيتين هما العراق وسوريا) أو كقضية أمة فتتها الاستعمار عمداً بين دول الشرق الأوسط، منها العربي وتركيا وإيران، نفس الاستعمار الذي (اصطنع الحدود ورسمها بطريقة مغرضة بين الدول العربية، كان بمقدور ناصر أن يساند قضية عادلة كهذه خاصة ان رحاها لا تدور علي تراب مصر، ولكن ما يحدث شيء آخر فأثناء الوحدة المصرية السورية 1958 ــ 1961 تتوتر علاقات القاهرة بغداد فلا تجد الأولي وسيلة أنجح للهجوم علي الثانية سوي التشهير بسلوكها القمعي لمواطنيها الكرد، ورغم أن أمرا مشابهاً تسلكه دمشق من اضطهاد لأكرادها لكن القاهرة تصمت، بل يرتكب إعلامها تحيزاً غير مسبوق لم يعهده أحد في تغطيته لقضية تحرر وطني، إذ يفرق بين شعب واحد مقسم بين دولتين بناء علي علاقة النظام الناصري بكل منهما، لقد كان رجل الشارع المصري وقتها متعطشاً لسماع وتصديق أي شيء ستذكره وسائل الإعلام الرسمي عن الأكراد، هؤلاء الذين تمردوا علي حكومات بغداد الموالية للغرب، هؤلاء الذين يحاربون قاسم ذا العلاقة المتوترة مع ناصر، هؤلاء الذين عرضوا التطوع للدفاع عن مصر ضد العدوان الثلاثي 1956 (وسيتكرر الأمر في حرب 1967)، هاهو الإعلام المصري يشبع عطش المتلقي، ولكن…، جريدة الأهرام القاهرية تنشر في 7 مارس (آذار) 1961 تحقيقاً صحفياً ــ يفترض كونه ميدانياً ــ عن أكراد الإقليم الشمالي للوحدة (سورياً)، ويصورهم الصحفي علي انهم "يماثلون مطاريد الجبل وقطاع طرق وهاربين من العدالة بصعيد مصر، ….وانهم عرب نسوا لغتهم عبر الزمان، وان سر تسميتهم بالكرد يعود لانحدارهم من قبيلة عربية تدعي (كرد بن عامر ) علي حد قول البعض، وان الحل الأمثل لتمردهم ــ لاحظ المصطلح ــ يأتي من وزارة التربية والتعليم والأزهر المصريين وذلك بإرسال مدرسي لغة عربية يعيدون تقويم لسانهم، ولا مانع من معالجة فكرة القومية والدولة الكردية تلك التي زرعها الاستعمار.

مصر والكرد
بعد الانفصال، يندد نظام مصر بحملات البعث السوري ضد الكرد العزل وما شملته من تهجير وتعذيب وإسقاط جنسية خاصة القمع المنظم لأكراد الجزيرة بين عامي63 و64، أما أكراد العراق فتواصل القاهرة إبداء تفهمها لقضيتهم (رغم تحسن علاقتها مع نظام انقلاب عام 1963 ضد عبد الكريم قاسم بقيادة عبد السلام عارف)، فمع بواكير الثورة تعلن القاهرة في يونيو (حزيران) 63 عن حتمية حل القضية الكردية سلمياً، وتستقبل ضمن وفد شعبي عراقي عقب نجاح ثورة 63 السيد جلال طالباني ممثلاً عن الملاّ مصطفي البرزاني زعيم الثورة الكردية بالعراق، وضح الأكراد ليس فقط مطالبهم، بل رؤيتهم وموقفهم من أي دولة عربية اتحادية يزمع إنشاؤها، ومع ذلك لا تحرك القاهرة ساكنا عندما يقصف الطيران العراقي بمساعدة من مثيله السوري كردستان العراق في 12 يونيو (حزيران) من العام نفسه، تكرر القاهرة مطالبتها بحل سلمي وعندما يجلس الأكراد هناك مع مفاوضين لحكومة عارف، تطلب الثورة الكردية من الجزائر ومصر تدعيم الخيار السلمي، ولكن ما أن تعلن مصر ذلك حتي تطالبها بغداد بعدم التدخل في شؤونها كدولة ذات سيادة.
لقد قدمت جريدة "الجماهير" العراقية مثالاً واضحاً للتخوف من أي دور مصري في هذه القضية، حيث شوهت تصريحات رسمية: إن القتال لن يجني ثمره أحد ولن يضع حلاً، لتصبح العبارة "إن عدم التوصل لحل سلمي للمشكلة الكردية في العراق معناه أن المجرمين في حكومة بغداد لا يمكنهم الصمود أمام الأكراد في ميادين القتال، وانه لا أحد يقف بجوار هذه الحكومة في العالم كله أن الجيش العراقي به مشاكل تمنع نجاحه في هذه الحرب، وقد تصل الأمور لحد الثورة علي الحكومة الحالية" تسارع القاهرة لنفي هذه الادعاءات، وتحول وجهها قليلا إلي أكراد تركيا علي استحياء، ولم تحاول توظيف تواجدها الفاعل في العدد من المنظمات العالمية والإقليمية لطرح مظالم الكرد، وان لم تمنع جهداً يتم في سبيل ذلك، فدعمت مع روسيا طلبا قدمته منغوليا لمناقشة حملة بغداد هذه ضد مواطنيها الكرد في 29 يونيو (حزيران) 1963.
كل هذا التناقض والتخبط الناصري في (عام واحد) من جديد يؤثر التحسن في علاقات القاهرة ــ دمشق علي تناول الأولي لمشاكل الكرد، فلا تدافع عنهم أمام حملة مارس في سوريا العام 1967، ولا عن أكراد إيران أو تركيا إلا عندما تسوء علاقاتها بأي من هذه الدول، أي عندما يحتدم الصراع علي الزعامة الإقليمية والتنابز بالعمالة وقيام الأحلاف والأحلاف المضادة وغير ذلك من مفردات فترة الحرب الباردة، والمدقق في التناول الناصري لقضية الكرد (خاصة بعد نكسة 1967 التي تعرضت لها مصر علي يد إسرائيل) يلحظ انتصاراً متصاعداً للحل السلمي، وهو اتجاه كان من مهندسيه السيد كمال رفعت عضو مجلس قيادة الثورة والكاتب محمد حسنين هيكل والوزير أمين هويدي (الذي شغل لسنوات 1963 ــ 1965 منصب السفير المصري بالعراق)، وتفاوتت الوسائل ودرجة المساندة، سمح بقناة كردية ضمن الإذاعات المصرية الموجهة، لدي الرئاسة المصرية، وبالطبع ينفرد النظام المصري بهذه الأمور، فيكاد يظهر لدي الدول التي تقتطع أجزاء من كردستان وكأنه مناصر وأحيانا مؤلب ــ الكرد الأول.
يتواصل التمثيل الكردي في القاهرة في عهد السادات وحتي عام 1975 فقط، وليس بالفعالية المعهودة فقد وقعت اتفاقية للحكم الذاتي بين بغداد وممثلي الأكراد في 11مارس (آذار) 1970، ومع الاستعداء العربي ضد مصر يعد جولات السلام مع إسرائيل 78 ــ 79 صمتت بعض الأقلام المصرية والقيادات الحاكمة عن تعاون كردي إسرائيلي، بل إن المقاطعة الغربية لمصر ونقل الجامعة العربية خارجها أوحت للسادات بإنشاء جامعة للشعوب العربية لتكون منتدي للجمعيات والجبهات المعارضة للحكومات العربية (شاملة تجمعات غير عربية بالطبع)، ولحسن الحظ لم تخرج الفكرة للنور إذ أوضح الكاتب أحمد بهاء الدين للرئيس المصري أيّ خطر تنطوي عليه من استخدام المعارضة القومية والسياسية ضد الحكومات العربية …
ثقيل هوالعبء الذي ورثه مبارك عن سلفه ؛ فالوضع الداخلي معقد ومؤثر سلباً علي السياسة الخارجية، التدهور الاقتصادي دفع أمواجاً من العمالة المصرية للخليج والعراق بينما علاقات مصر مع هذه الدول مجمدة رداً علي صلحها المنفرد مع إسرائيل، آثر النظام الجديد الابتعاد عن أي نزاع داخلي عربي، فلا المناخ الدولي (الممثل في انفراج علاقات قطبي العالم) ولا نية مصر العودة للصف العربي ولا قدرتها الاقتصادية الهشة ولا شتات أبنائها عمالاً في دول عدة (منها العراق)، لا شيء يعزي بالتدخل، لا حديث عن الأكراد أو غيرهم، وعندما تندلع الحرب العراقية الإيرانية تسير مصر مع الهوي العام مؤيدة العراق، وتعود القاهرة لما سمي بالصف العربي إذ تعود للجامعة العربية وتعود الأخيرة لها كمقر دائم في 1987. عندما تقع مذابح حلبجة الدموية ضد الكرد ثم حملات الأنفال سيئة الصيت لا تحرك القاهرة ساكنا باستثناء منظمة حقوق الإنسان المصرية بالإسكندرية التي تصدر بياناً، وفي العام التالي يعلن عن مجلس التعاون العربي ضاماً العراقي ومصر والأردن واليمن (الجنوبي ثم الموحد)، كغيره، يفاجأ مبارك بعملية الثاني من آب (أغسطس) 1990 أو هكذا بدا الأمر، وتشارك القوات المسلحة المصرية ضمن القوات التحالف الدولي لإجلاء العراق عن الكويت، وتبدأ حملة لحشد رأي عام ضد نظام صدام حسين ومناهضة احتلاله للكويت، فتح الإعلام المصري ــ الرسمي ملف صدام الدموي (الذي كتبت بعض صفحاته أثناء لقاءات الزعيم العراقي والمصري في النصف الثاني من الثمانينات)، وركزت البرامج علي لقطات أرشيفية لمذابح الكرد، وطال الهجوم حرب صدام ضد إيران باعتبارها كانت مفتعلة وكان من الممكن تفاديها! وتحتدم معارك حرب الخليج الثانية ويوجه الرئيس الأمريكي "بوش" نداء لشعوب العراق لإسقاط صدام، وتحظي مشاهد الانتفاضة الكردية في مارس 1991 بتغطية إعلامية هائلة ( بينما تحظي مثيلتها في الجنوب الشيعي بهامش الاهتمام) وينقل الإعلام المصري قمع صدام لانتفاضة الأكراد وهجرة نحو1.5 مليون كردي للجبال ذات الثلوج ولأنها عبر ممرات مليئة بالألغام، فيما بالهجرة المليونية، يزداد التعاطف المصري شعبياً مع هذا الشعب، لكن ما أن تنتهي الحرب، وينسحب صدام حسين من الكويت ثم من شمال أو كردستان العراق (طوعاً) وما أن يعلن الكرد إدارة لملء الفراغ الأمني والإداري بالإقليم الكردي، حتي يهب نفر من المثقفين المصرين محملاً الكرد كل الوزر، فهم الشوكة في خاصرة العرب وهم عملاء للترك والصهاينة وهم سبب كل ضربة تلقاها (وسيتلقاها) العراق … الخ هذه المهاترات، وجاءت الحرب الأهلية بين الفصيلين الأكبر الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة ــ مسعود البرزاني والاتحاد الوطني الكردستاني ــ بزعامة جلال طلباني ثم التدخل التركي فالإيراني، لتزداد شكوك القاهرة ومثقفيها وساستها تجاه هذا الإقليم الوليد، وكانت دعاوي "الحفاظ علي وحدة التراب العراقي" "ورفض الاستفادة من الظروف السيئة المحيطة بالعراق لإضعافه وإقامه أي ترتيب جديد" وما شابه ذلك هي التعبيرات الأثيرة لدي المتحدثين الرسميين باسم الحكومة المصرية، والتي اعتبرت اقتحام الجيش العراقي لأربيل 31 آب (أغسطس) 1996 لصالح حزب بارزاني ضد حزب طالباني (وما رافق ذلك من تنكيل بعناصر المعارضة العراقية آلتي قبض عليها هناك) مجرد شأن داخلي، ومع ذلك بدأت الاتصالات ولعامين مع الأطراف الكردية خاصة بعد أن دخلت الأخيرة في هدنة حسب اتفاقية أنقرة 1997.
كانت الحرب الأهلية الكردية وحتي دخول جند صدام لأربيل مناسبة جيدة للإعلام المصري ليظهر قوميته العربية وأن تحدثت برامج عن "الأمة الكردية" والدعوة لـ "حقن دماء الشعب العراقي عربا وكردا "والتنديد "بالدور التركي في شمال العراق"، وتلازم ذلك مع الإعلان مع الحلف التركي الإسرائيلي ثم تفعيله 1996، والتزمت التركي ضد سوريا والعراق في موضوع مياه الفرات وتسليم الزعيم الكردي أوجلان زاعمة وجوده بسوريا لحد تهديدها بشن حرب علي دمشق وبالطبع لا تحتاج لأخري علي العراق إذ استباحت أرضه خلال الفترة من 1992عشرات المرات. أي فترة الفراغ الأمني في كردستان العراق ــ وحتي منتصف 1997 ــ كما أشارت بعض الصحف المصرية بوجود عوائل مصرية احتجزها القتال الأهلي الكردي، وبعد 31 آب (أغسطس) 1996 ومد منطقة حظر الطيران جنوبا وقصف مواقع مدنية وعسكرية في الوسط بسبب دخول جند صدام للشمال!!- تناولت الأقلام المصرية الحدث بدرجة من التشوش خالطة بين الأكراد كضحية وكسبب أو غطاء للضربات الأمريكية، في حين ظهر مقال في الأهرام لكاتب يقول أن الأكراد في العالم كله 7 مليون ويقسمهم علي دول المنطقة لحد استخدام كسور الأرقام (العشرية) والغريب أن المقال بعنوان "محاولة للفهم"، وكانت إحدي نشرات الإذاعة المصرية تربط خبرين أحدهما عن القتال الأفغاني والآخر عن القتال الكردي خالطة بين قوات طالبان وقوات شاه مسعود من ناحية وقوات جلال طالباني وقوات مسعود برزاني من ناحية أخري وعلي شاكلة هذا الكثير!
في مايو (آيار) 1997 يبدأ التمثيل الكردي بالقاهرة في حين نفذ حزب الاتحاد من الفرصة المتاحة (قبول القاهرة مكتب تمثيل للحزبين لدي رئاسة الجمهورية) فإن الحزب الديمقراطي أعلن (نحن بانتظار رد القاهرة علي مطالبنا بمكتب سياسي وإعلامي رسمي ومعلن!) وبين فترة وأخري يزور وفد كردي (أكراد المهجر ــ البرلمان الكردي بالمنفي ــ القناة الكردية الأوروبية) ولا جديد بعد ذلك، ندوات قليلة، إعلام علي مستوي الجرائد والأحزاب، ثم حوار عربي كردي دار معظمه عن "صلاح الدين" و"أحمد شوقي" و"عفا الله عما سلف" ولا جديد في الأمر سوي مواجهة هجوم سفارة العراق وتركيا علي هذا الحوار الخفيف التعارفي، وللعمل الكردي بالقاهرة (مع وجود جالية صغيرة جدا لا تتعدي المائة نسمة معظمها من الطلبة الأكراد، ومع عراقيل عدة) أتي ثماره في فترة اعتقال الزعيم الكردي عبد الله أوجلان.. إذ ارتفعت أسهم القضية الكردية ككل لدي المواطن العادي غير المسيّس، لكن هاهما ذا الحزبان الكرديان العراقيان بعد أن استأنفا حربا تلوالأخري بينهما أوضد PKK ــ حليف الأمس ــ أوضد الإسلام السياسي. يندهشون: لماذا لا يتعاطف معنا المصريون؟ أكراد العراق لم يضعوا أجندة أولويات أوخطة عمل لتفعيل الدور المصري في قضيته ولم يتنبهوا للانكماش المطلق في السياسة الخارجية المصرية إقليميا (باستثناء فلسطين ــ إسرائيل) لم يتخلوا عن ولاءات إقليمية تضر بالصالح الكردي قبل العربي.