محــــــــــــــــمد كـــــــــــرد علي


هو (محمد بن عبد الرزاق بن محمد كرد علي). ولد في دمشق عام
١٨٧٦ من أب كردي وأم شركسية ويعود أصل عائلته إلى السليمانية بالعراق . كان والده أمياً لكنه عمل على أن يتتلمذ الابن على يد نخبة من علماء دمشق في الأدب والفقه والفلسفة .وتعلم الفرنسية والتركية وعمل عمره١٧ سنة في قلم (الأمور الأجنبية)
وكان يراسل (مجلة الشام )المحلية و(المقتطف ) في القاهرة . زار مصر عام ١٩٠١ وقابل أدباءها وكتب في (الرائد المصري )وأصدر (المقتبس)الشهرية في الأدب والشعر وعمل في (المؤيد)التي كانت كبرى الصحف في العالم الإسلامي. وحين عاد إلى دمشق عام ١٩٠٨ أنشأ مطبعة خصيصاً ليصدر صحيفة (المقتبس)اليومية هناك. وبعد إعلان الدستور العثماني حاربته السلطات العثمانية من جديد حتى كاد الوالي جمال باشا المعروف بالسفاح يعدمه مع نخبة من الشخصيات الفكرية السورية .تعرض لضغط من أصحاب النفوذ واضطر لمغادرة دمشق أكثر من مرة وأقام في فرنسا فترة تعرف فيها على (الحركة العلمية )والتقى بالمفكرين والساسة الفرنسيين وألهمته كتابه المهم (غرائب الغرب ).

ومع كثرة المضايقات بعد عودته هجر الصحافة تماماً بعد عمل فيها استغرق ٢٠عاماً وتفرغ للعمل الأدبي والعلمي فطاف بمكتبات أوروبا وجمع مادة لكتابة الموسوعي( خطط الشام) تولى (محمد كرد علي )رئاسة (ديوان المعارف) بعد قيام الحكومة السورية وهزيمة العثمانيين في الحرب العالمي الأولى وساهم في تعريب (دواوين ) المصالح الحكومية وساهم في تعريب الكتب المدرسية وعاونه في عمله الشاق عدد من كبار العلماء ثم تحول اسم (ديوان المعارف) إلى (المجمع العلمي العربي)والذي عرف فيما بعد باسم (مجمع اللغة العربية )وكان أول مجمع للغة العربية في بلاد العرب كلها…..

كان محمد كرد علي مؤسس أول مجمع للغة العربية على الإطلاق , والذي أنشئ في دمشق .وأصدر له مجلة مهمة ,ظهر أول عدد منها عام ١٩٢١ ونشر له وحده فيها ٤١ مقالة أدبية وتاريخية مهمة وخصص في المجتمع محاضرات للعامة يلقيها عليهم نخبة رجال الدين والفكر . وكان منها ٦٢ محاضرة تعتبر من أمهات المعارف العربية والإسلامية .قام (محمد كرد علي )بتحقيق عدد من كتب التراث بينها سيرة (أحمد بن طولون) و(تاريخ حكماء الإسلام) وجمع بين رئاسة المجمع اللغوي ووزارة المعارف عام ١٩٢٠ والتي تولاها مرتين لكنه تركها لخلاف مع الحكومة واكتفى برئاسة المجمع, وأسند إليه تدريس الآداب العربية في معهد الحقوق بدمشق سنة ١٩٢٤. أنشأ محمد كرد علي مدرسة الآداب العليا . وكانت تابعة للجامعة السورية وتحولت فيما بعد إلى كلية مستقلة , كما بدأ مشروع تأسيس كلية اللاهوت لتدريس الأديان . ساهم في تأسيس مجمع اللغوي في القاهرة بمصر عام ١٩٣٣ لكنه انصرف في أواخر حياته إلى جمع مذكراته التي كان يدونها يومياً, وصدرت في ثلاثة أجزاء قبل رحليه , وتعتبر (تاريخاً مهماً) لمرحلة مهمة للمنطقة العربية تمتد في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين , وتنتهي بوفاته في أبريل عام ١٩٥٣ .

 وقد دفن بجوار قبر معاوية بن أبى سفيان بدمشق . وصف أسلوبه بالسهل الرقيق الصعب البليغ من غير تكلف ولا تضع كما كان عادة الكتاب آنذاك .وكتب يصف نفسه :(خلفت عصبي المزاج ,محبا للطرف والأنس والدعابة أعشق النظام والحرية والصراحة وأكره الفوضى والظلم )..ولا عجب فأمه شركسية والشراكسة عموماً عصبيو المزاج ومحبون للطرب والأنس!! ترك كماً هائلاً من المقالات والدراسات والكتب التي كان أهمها :(الإسلام والحضارة العربية) في جزءين و(تاريخ الحضارة )مترجماً عن الفرنسية و(دمشق مدينة السحر والشعر) وكتاب (غابر الأندلس وحاضرها) والإدارة الإسلامية أيام مجد العرب )لكن تاج مؤلفاته هو (خطط الشام )في ٦ أجزاء تناول الجغرافية الشامية من (النيل إلى الفرات ,ومن طوروس شمالاً إلى البادية جنوباً ,شاملاً ما يسمى اليوم بسوريا ولبنان والأردن وفلسطين وسيناء , دارساً تاريخها منذ فجره وحتى نهاية الدولة لعثمانية مستعرضاً سكانها وحروبها ولغاتها ومجتمعاتها وعاداتها ومدنها وفكرها وأدبها