الشيخ سعيد بيران و بانوراما ثورة  ١٩٢٥

بانوراما ثورة ١٩٢٥عام  استشهاد قائدها الشيخ سعيد بيران . في٢٧/٦/١٩٢٥ قامت المحكمة العسكرية الكمالية التي كانت تدعى بمحكمة الاستقلال بإعدام عدد من قادة الثورة في ديار بكر ( آمد) عند بوابة الجبل والبلغ عددهم /49/ قائداً ومناضلاً ومن بينهم الشيخ سعيد بن الشيخ محمود بن الشيخ علي.- ولد الشيخ من عائلة دينية ذات عراقة في تقاليد الطريقة النقشبندية الصوفية. لقد كان جده الشيخ علي من العلماء البارزين في زمانه وخليفة للشيخ خالد الزيباري ذهب معه إلى الشام وبقي هناك إلى وافت الشيخ خالد المنية وبعدها رجع إلى أرض الوطن

وسكن في سهل ديار بكر (آمد) عند أحد أقربائه في قرية قرديلك
Qirdîlek .لقد كان الشيخ علي ينتمي إلى عشيرة أليكان Elîkan من فخذ جنديكان Cindîkan التي تتوزع أفرادها في قضاء ألمندي Elemendê وبعد ذلك ذهب الشيخ علي إلى قضاء بالو وسمي بعد ذلك بالشيخ علي بالو.- رحل ابنه الشيخ محمود إلى أرزروم وسكن قلعة خنوسي Xinûsê في قضاء خنوس وتزوج من ابنة رئيس عشيرة تكمانة Teknane فأنجبت له ستة أولاد هم الشيخ سعيد والشيخ ضياء الدين والشيخ بهاء الدين والشيخ طاهر والشيخ عبد الرحيم والشيخ مهدي.- تسلم الشيخ سعيد مهام التكية بعد وفاة والده كونه أكبر أشقائه. لقد كان شخصيته قوية ويتمتع بشعبية واسعة في منطقته ومحبوباً لدى كل الناس وكان يمتلك حساً إنسانياً ووطنياً كردياً منذ بداية القرن العشرين. حاول بناء جامعة علمية للدراسات الإسلامية والعلوم الأخرى على غرار جامعة الأزهر في (وان)Wan ولكن التكية الحظرتية التي كانت مقرها في بدليس ذات العراقة في تقاليد الخيانة بالتصدي للمشروع لدى اسطنبول والتي كان من شيوخها أيضاً الشيخ سيداseyda الذي منحه الأتراك رتبة الباشاوية والشيخ سليم Selîm الذي هو صهر الشيخ حظرت حيث تبنى هذا الأخير مصطفى كمال ابناً له بعد هزيمة جيشه في سوريا والأردن.- دخل الشيخ معترك السياسة أعوام ١٩٠٨- ١٩٢٥ منذ قيام الكرد بتشكيل الجمعيات السياسية والثقافية والاجتماعية ( كرد تعالي وترقي –

تشكيلات اجتماعية – مجلة هيفي
Hêvî ) وكان اتصاله مع المثقفين الكرد في اسطنبول عن طريق نجله علي رضا والشيخ عبد القادر أفندي بجل الشيخ عبيد الله النهري.- أرسل الأمير عبد الرزاق بدرخان الذي كان آنذاك في جورجيا عام ١٩١٥ – عندما ذهب هو الشيخ عبد السلام البارزاني لطلب الدعم والمساندة من الحكومة القيصرية عام 1912 حيث رجع عبد السلام وأعدم في الموصل عام ١٩١٤ – برسالة إلى الشيخ طلب فيها بالاتصال مع قادة التشكيلات القتالية الكردية في جبهة قوقاز وإقناعهم بالانسحاب من الجبهة في ولايات وان وموش وأرزروم وهكاي وأخبره بوعد من الجيش الروسي تسليم تلك المناطق إلى الكرد بعد الدخول إليها.- ذهب الشيخ إلى حسين باشا حيدري رئيس عشيرة حيدرا Heydere لإقناعه بالأمر ووافق شرط أن يوافق على ذلك خالد بك الحسني رئيس عشيرة حسنا Hesene خوفاً منه بسبب خلافات قديمة بينهم.- قام

الشيخ باستضافة خالد بك حسني في داره وأخبره بطلب عبد الرزاق بدرخان فرد عليه بنفس الكلام الذي قاله حسين باشا وأخبره الشيخ بأن حسين باشا لديه الخبر ولكن الأخير أفشى السر للجنرال التركي نوري ويسي
N- weysî قائد العمليات الحربية في جبهة أرزروم.- بدأ التخطيط لعملية إبعاد الشيخ من المنطقة ومن كردستان كلها دون أن يدرك الأمر إلا بعد حين عندما عرف بأن خالد بك قد أفشى سر الرسالة وقد أبعد الشيخ إلى ديار بكر وسكن عند أخيه في منطقة بالو في قرية قرديلك.- حاول الجنرال مرسال باشا قائد حامية ديار بكر إقناع الشيخ أن يترك المنطقة خوفاً عليه والذهاب إلى قونية ولكنه رفض بعد أن أدرك حقيقة المؤامرة.- احتل الجيش الروسي عام ١٩١٦ ولايات موش ووان وأرزروم وبدليس وجزء من هكاري وسلموا أمور الناس إلى الميليشيات الأرمنية وقد ارتكب هؤلاء أفظع المجازر بحق الكرد ونزح أكثر من ٩٠ بالمائة

من السكان من ديارهم وأطلق على هؤلاء اسم المهاجرين فيما بعد.- في عام
١٩١٧ انسحب الجيش الروسي من الولايات الكردية بعد انتصار الثورة البلشفية بقيادة لينين وسلمت المناطق إلى المليشيات الأرمنية أيضاً.- دعا الجنرال خالد جبري قائد إحدى الفرق العسكرية في الجيش العثماني السابق ذو الشخصية الأكثر شعبية في كردستان الشمالية آنذاك زعماء الكرد بتحرير مناطق الكرد من الأرمن بعد انسحاب الجيش البلشفي الروسي من تلك الولايات.- وصول الجنرال مصطفى كمال مع أكرم جميل باشا الذي كان يعمل معه في الجيش إلى ديار بكر بعد هزيمتهم في جبهة الأردن وسوريا.- دخول الانكليز والفرنسيين والطليان حدود اسطنبول ونفي أغلب الضباط الأتراك إلى جزيرة مالطا واحتلال الانكليز أزمير وأفيون وتراكيا والفرنسيين مناطق عنتاب ومرعش وأضنا وأورفا ومن العراق وصل الانكليز إلى زاخو ورواندوز.- في ديار بكر قام

مصطفى كمال بسلسلة من الأعمال البهلوانية لاستمالة الكرد إلى جانبه ودعا لإنشاء دولة كردية في المناطق التي سوف يتم تحريرها من الأرمن شرط أن يكون هو قائد للجيش في الدولة ولكن آل جميل باشا رفضوا طلبه بإعطائه هذا المنصب وقد تم عقد كونفراسات بهذا الخصوص في سيواس وأرزروم وقد رفض طلب كمال من قبل خالد بك جبري أيضاً. اقترب كمال من رؤوساء العشائر ورجال الدين الكرد حتى مع جميل جتو
Cemîlê çeto وأمين بريخاني Emînê perîxanê وتبناه الشيخ سليم صهر الشيخ حظرت ابناً له.- غادر كمال ديار بكر بعد أن فشل مشروعه وذهب إلى ضباطه جبال بوزانيه Bozanye ومن هناك ذهب إلى جبهة القتال في اسبارتا وهناك انتصر على اليونانيين وأصبح منذ ذلك التاريخ اسمه أتاتورك (أبو الأتراك).- في٢٨/٩/١٩٢٠ قام خالد بك جبري بتحرير كافة ولايات كردستان من الميليشيات الأرمنية حتى وصل بهم إلى

سهل روان وآلاكوز عند يريفان.- في
٣/١/١٩٢٠ تفاوض كمال أتاتورك مع قيادة لينين السياسية في منطقة كامري الروسية حول مسألة قارص وآرتفين مقابل تسهيلات للروس في مضيق بوسفور وجناقلا.- في ٢٠/١٠/١٩٢٠  انسحب الفرنسيون إلى الحدود السورية الشمالية ورمى الحلفاء معاهدة سيفر خلف ظهرها وخاصة البنود ٦٤/٦٣/٦٢ المتعلقة بحقوق الكرد والتي أقرت في مداولاتها مؤتمر الصلح في أعوام ١٩١٩ و١٩٢٠ بمذكرة قدمها الجنرال شريف باشا الذي كان سفيراً للسلطان في سويسرا وهو من أكراد السليمانية حيث كان الفرنسيون والانكليز والإيطاليين أعضاء في إشراف وتنفيذ تلك المعاهدة على الأرض.- في٢٢/٣/١٩٢٢  انتهاء الحرب بين تركيا واليونان.- في٢٧/٨/١٩٢٢مؤتمر مودانيا الذي اجتمع الترك وأعضاء لجنة تنفيذ معاهدة سيفر وعدد من خونة الكرد أمثال عصمت إينونو وبعض من باشاوات دياربكر وسويرك والتنازل عن حقوق الكرد بالبقاء في أطار الدولة التركية.- في٢٠/٨/١٩٢٣  إلغاء معاهدة سيفر واستبدالها بمعاهدة لوزان التي أنكرت فيها حقوق الكرد مقابل تنازلات لدول الحلفاء.- في ٢٩/١٠/١٩٢٣ إعلان الجمهورية التركية بزعامة أتاتورك.- عام 1922 تأسيس أول تنظيم سياسي كردي رداً على معاهدة لوزان برئاسة الجنرال خالد بك جبري Xalid beg cibirî وبدأ التحضير للثورة وانضمام الكثير من الضباط الأحرار الكرد إليه أمثال الجنرال إحسان نوري باشا والعقداء راسم

وخورشيد وتوفيق وجميل وعدد آخر من الضباط الصغار من الفيلق السابع في دياربكر وعدد من ضباط وقادة الميليشيات الكردية أبان الحرب العالمية الأولى وكذلك النائب يوسف زيا باشا من أرزروم وعدد كبير من رجال الدين.- في شهر كانون الثاني تم اعتقال رئيس التنظيم الجنرال خالد بك جبري والنائب يوسف زيا وإعدامهما في بدليس وانكشاف أمر الثورة التي كانت مقرراً البدء في انطلاقتها
١/٦/١٩٢٥ - في١/٢/ ١٩٢٥ دعوة أعضاء التنظيم لعقد مؤتمر جبل جاني çiyayê cane لدراسة التطورات المستجدة وتقديم موعد العمليات العسكرية وبدء الثورة وفي هذا المؤتمر انتخب الشيخ سعيد قائداً للثورة خلفاً لقائد التنظيم الجنرال خالد بك جبري وانتخاب اللجنة المركزية والقيادة العسكرية للثورة وتعيين الجبهات وقياداتها.- جبهة بالو – خاربيت palo – xarpît وقوام تشكيل الثوار فيها /١٨/ ألف مقاتل بقيادة قائد اللواء الشيخ شريف ş-şerîf .- جبهة فارتو Varto وقوام تشكيل الثوار فيها /١٢/ ألف مقاتل بقيادة الضابط عبد الله ملكان Melkan وعلي رضا نجل الشيخ سعيد والعقيد خليل ختو Xito .- جبهة دياربكر – آمد Amed وتم توزيع الثوار على جبتهين الأولى شرق نهر الدجلة وقوامها /١٠/ آلاف مقاتل بقيادة حقي بك لجي Licî والأخرى في غرب الفرات وقوامها أيضاً /١٠/ آلاف مقاتل بقيادة العقيد عمر فارو Emerê faro .- جبهة مادن – باخر Maden – baxer وقوام تشكيل الثوار فيها /7/ آلاف مقاتل بقيادة الشيخ عبد الرحيم شقيق الشيخ سعيد وكمال فوزي ومير صادق.- جبهة سليفان Silîvan

وقوام الثوار فيها /
١٠/ آلاف مقاتل بقيادة الشيخ شمس الدين.- جبهة ساسون واشترك فيها عشائر خرزان بقيادة المناضل الكبير عبد الرحمن آغا علي يونس والمعروفين لدى الكرد باسم ( qewmê çîyê ) .- جبهة بوتان اشترك فيها عشائر الديرشوي ويعقوب أغا وعشيرته في دهي dihê والشيخ عبد الرحمن كارسي garisî .- في ١١/٢/١٩٢٥ انطلاقة الثورة وتحرير كافة مناطق الجبهات وتشكيل الحكومة الكردية فيها ما عدا دياربكر حيث تم حصارها لأكثر من /٥٠/ يوماً بسبب متانة أسوارها والرمي المدفعي الكثيف وزيادة عدد المدافعين الذين بلغوا أكثر من /30/ ألف جندي من الفيلق السابع المحاصر في المدينة.- اعتقال قائد الثورة وعدد من أعضاء اللجنة القيادية على جسر فارتو على نهر الفرات أثر خيانة قاسو (قاسم) عديل الشيخ سعيد وابن عم الجنرال خالد بك ودليل القافلة التي كانت متوجهة إلى كردستان الجنوبية لملاقاة الشيخ محمود وسمكو شكاكي لطلب المعونة والتنسيق.-خول ثلاثة فيالق إلى ميدان القتال من الجيش التركي بالإضافة إلى /١٥٠/

ألف من خونة الكرد.- انهيار المقاومة في كافة الجبهات بعد اعتقال الشيخ سعيد.- قيام قيادة تشكيلات الثوار بتغيير أسلوبها في القتال وتحولت من حرب الجبهات إلى حرب المفارز الخاصة والتي سميت في بعض مناطق العالم بحرب العصابات. بقيادة الشيخ عبد الرحيم شقيق سعيد وكان يلتقي بكل المفارز في كل أسبوع ويلقي عليهم خطاباً حماسياً وقد استمرت هذه المقاومة حتى انطلاقة ثورة آغري بقيادة الجنرال إحسان نوري باشا حيث التحق معظم الثوار إليها بالإضافة إلى استمرار المقاومة في جبال ساسون
Sasûn وملاتو Meleto بقيادة عبد الرحمن آغا لأكثر من عشرة سنوات.- أصدر كمال أتاتورك أمراً بتشكيل محكمة سميت بمحكمة الاستقلال في دياربكر واسطنبول ضد كل المخالفين معه من الكرد والترك..- إعدام أكثر من /٢٢/ أل من الزعماء والباشوات البكوات ورؤساء العشائر والنخب السياسية والاجتماعية والوطنيين الثوار وحتى الخونة من رؤساء العشائر أمثال جميل جتو لم يسلموا من أحكام تلك المحكمة.- تهجير اكثر من /٧٠٠/ ألف من عوائل الثوار

والوطنيين إلى مناطق أناضول.- إحراق أكثر من /
٦٠٠/ مائة قرية واستمرت تلك الأعمال البربرية حتى نهاية عام ١٩٢٨. هروب أغلب الوطنيين الناجين من مقصلة كمال إلى خارج الوطن.- في  ٢٧/٦/١٩٢٥ أعدم زعماء الثورة في ساحة بوابة الجبل dergehê çîyê
البلغ عددهم /٤٩/ مناضلاً من بينهم الزعيم شيخ السعيد وقد وضعوا أعواد المشانق على نسق واحد وقبل أن يعدم الشيخ سعيد سأله الجنرال مرسال فيما إذا كان لديه وصية أن يكتبها فقال له نعم أعطاه الجنرال قلماً وورقة فابتسم الشيخ وقال: هل تود معرفة عزيمتي فيما إذا كنت استطيع مسك القلم خوفاً من الموت وقد كتب الوصية التالية وقال: هل يوجد عاقل في الدنيا يوصي أعدائه ويكلفهم به ولكني أقول وأصرح بأن لدي /٩٠/ ألف ليرة ذهبية في بنك

اسطنبول أعطوه لابني ومع ذلك لا أصدقكم ها أنا ذا أفدي بكل مالي وروحي لأجل شعبي أيوجد أكثر من هذه التضحية . وقبل ذلك بدقائق عندما ساقوه من السجن باتجاه ساحة الإعدام وعند بوابة السجن قال لرفاقه الثوار: أيها الأخوة يجب أن تعلموا بأنكم مبروكين وعظماء وبموتنا لن يموت شعبنا بل سوف يصل إلى الحياة الحرة المستقلة مادام يوجد بينه رجال شجعان من أمثالكم ويجب أن تعلموا بأن شجرة الحرية ستسقى بدمائنا اليوم ومن بعدنا مناضلين آخرين من أمثالكم كما أن مصدر قوتنا وأملنا هو أنتم من بعدنا وأنتم ورثة هذه المرحلة ونحن لسنا نادمين بأن نعطي روحنا فدءاً لكم ثقوا أنتم محظوظون وكل طللبنا وأملنا أن تكونوا راضين عنا. - المجد والخلود لشهداء ثورة ١٩٢٥ وكافة شهداء النضال الوطني الكردستاني.- كل الاحترام والتقدير لمناضلي تلك الثورة الذين لم يقدرهم الكرد كما يجب