اربع دول كردية

القسم الأول

في الوقت الذي يحلم فيه الكرد، بدولة كردية واحدة فحسب، اصدرت وزارة الثقافة في اقليم كردستان قبل فترة كتاباً جديداً تحت عنوان رئيسي، مثير وكبير، هو (اربع دول كردية)!!وقبل ان تلتبس الامور على – قارئ الكتاب- وتشطح مخيلته، بعيداً في الآفاق، يعترضنا العنوان الثاني للكتاب والذي يبدو انه يعيد الأمور الى نصابها ويضع حداً لشطحاتنا! (اربع دول منسية، مجهولة.. اذن فان ما يقصده كاتبنا المخضرم والغزير-المرحوم- الملا جميل الروزبياني، هو الماضي تحديداً، حيث ينقلنا الى دهاليز التأريخ لينفض الغبار عن لآليء اربع من عقد ثمين وطويل وفريد، لازال طي الاكتشاف.يقول الروزبياني في مقدمة كتابه –باللغة الكردية طبعاً -: هذا الكتاب، يضيء جانباً من تأريخ اربع دول كردية بقيت طي النسيان على الرغم من ان اخبارها المتفرقة تتوزع آلاف الصفحات من كتب التأريخ القديمة، عثر المؤرخون على نتف منها فيما القسم الأكبر، لازال ينتظر ازاحة اللثام عنه، امل ان يكون جهدي هذا-يقول المؤلف- حافزاً للشباب الكردي المثقف على ان يبذلوا جهوداً حثيثة لقراءة كتب التأريخ كي ينتقوا مفردات بيوغرافيا المئات من رجالات امتهم المنسيين ويخرجوها من عالم النسيان.

ويمضي الروزبياني في مقدمته القصيرة، فيقول:

(اهدي جهدي هذا الى ارواح حسين حزني، امين زكي، توفيق وهبي، الملا محمود البايزيدي والى شيخ مؤرخي الكرد قاطبة، الامير شرفخان البدليسي).

وجلي ان هذه الاسماء هي لجمهرة من المؤرخين الكرد الذين يعدون من الرواد في مضمار كتابة التأريخ ولكل منهم اثار شامخة تعتبر مناراً لكل من يروم الخوض في مضمار التأريخ الكردي.

1- الدنبليون

الدنبلية: عشيرة كردية من آذربيجان الايرانية، لغتهم الكردية، كانت في الاصل بلهجة (كوَران) وكانوا يعتنقون الديانة الايزدية وتوزعوا الكثير من الاصقاع من (قوجان) في خراسان وحتى (درسيم) و(اكري داغ) ومن جبل (داسن) وبراري الشام والسنجار حتى (آذربيجان) و(تفليس) و (كورجستان).

وفي النهاية، فان اولئك الذين استقروا في (آذربيجان) على عهد الـ(آق قوينلو) وخوفاً من الاق قوينلو او الأصح، خشية من الصفويين –الكرد اصلاً- اعتنقوا المذهب الشيعي وصاروا أكثر من الشيعة تشيعاً! وارضاءاً للآق قوينلو، اصبحوا اتراكاً حتى النخاع!!

ويسترسل المؤلف:ويقول

يا للعجب.. فئة كردية ايزدية، كوَرانية اللسان يعتنقون الاسلام ويتبعون المذهب الشافعي اولاً يتحولون الى المذهب الشيعي ويصبحون (ملكيين اكثر من الملك) ويستبدلون لسانهم (الكوَراني) باللغة التركية! كما فعل الصفويون وآخرون غيرهم.

ويقتبس المؤلف من (المسعودي) وكتابه (مروج الذهب) ومن صــــــــديق الدملوجي و(اليزيدية) ومن مجدالدين فيروز آبادي صاحب (القاموس المحيط)- وكلها باللغة العربية- يقتبس الكثير فيما يتعلق بكردية (الدنبلية) غير ان اقتباسه عن قاموس (دهخدا) الفارسي، ربما كانت فيه اضافة جديدة عن (الدنبلية) حيث يقول (دهخدا):

(دنبل) اسم لجبل من الجبال المحيطة بديار بكر وينتمي رؤساء (الدنبلية) في آذربيجان الى تلك المنطقة وعرفوا بين ابناء جلدتهم باسم (دملي زازا).

ومن الشرفنامة يقتبس الروزبياني عن (الدنبلية) قوله:

هاجر رجل اسمه عيسى صوب آذربيجان فالتف حوله الحسب والنسب والقبائل وانشأ حاكمية خاصة به وكان كبار رجالات القبائل يعتنقون الديانة (الايزدية) اول الأمر.

ولاينسى المؤلف الاشارة الى ان عبدالرزاق الدنبلي، مؤلف كتاب (رياض الجنة) وكتب عديدة اخرى، هو احد ابرز مؤرخي هذه الفئة ويقتبس قوله (ان الدنبلة) ينتمون في الاصل الى البرامكة).

وينتهي الروزبياني الى ان (دنبلية) طورجستان لازالوا يعتنقون الديانة الأيزدية ويتحدثون باللغة الكردية ويستشهد المؤلف –تأكيداً لذلك- بحادثة وقعت له في الاتحاد السوفيتي عام 1959

ويأتي الروزبياني على ذكر اكثر من 35 اميراً وسلطاناً من سلالة (الدنبلية) ابتداءاً من عيسى ابو موسى، ثم يتحدث عن شعراء (الدنبلية) وينشر مقاطع من قصائدهم، منهم الشاعرة الرقيقة (حيران الدنبلي).

 
القسم الثاني

2- الشاهيني

 

...والدولة الكردية الثانية التي يعرف بها الملاجميل الروزبياني في كتابه الجديد (اربع دول كردية) هي دولة( الشاهيني) في منطقة اهوار العراق.

ويبدو ان الدولة الشاهينية ,سميت بهذا الاسم نسبة الى (عمران بن شاهين) حيث يقول المؤلف:

في العام (338هـ – 940م) ظهر اسم عمران بن شاهين فجأة في ذات الوقت الذي ظهرت فيه امارة (العيشانية) التي كانت مقدمة لنشوء الدولة (الحســــنوية) و(الشاهينية) قريبة من مندلي والكوت الحاليتين.

ولكي يمهد لاستيعاب القارىء فكرة نشوء دولة كردية في مناطق جنوب العراق، يعيد المؤلف كلمة (هور) و(اهوار) الى اصول كردية, فيقول:

ان كلمة (هوراو) كلمة كردية تعني (المستنقعات), ومن المحتمل ان يكون العرب قد استعاروا الكلمة من اللغة الكردية و حوّروها الى (هور) وجمعها (اهوار) بدليل ان العرب كانوا على عهد الامويين والعباسيين, يستخدمون كلمة (بطيحة / بطائح) بمعنى (هور) وقد شاعت كلمة (هور) فيما بعد.

و منطقة الاهوار – يقول المؤلف - : تقع بين البصرة – الاهواز: العمارة والكوت والناصرية و...

و كانت هذه المنطقة اراضي زراعية خصبة مليئة بالاشجار والغابات , قبل ان تتحول الى مستنقعات واهوار.

ثم يعتب المؤلف على كتّاب التأريخ العرب فيقول : للاسف الشديد فان المؤرخين، وحتى القرون الاخيرة، لم يأتوا على ذكر (الحسنوية) كدولة, جزا الله (الاجانب) خيراً لأنهم يكتشفون دولنا الكردية في بطون التأريخ في حين ان بعضاً من كتابنا الكرد, يحاولون سلخ (اّللور) عن الكرد بحجة انهم كانوا من الشيعة على عهد الصفويين وكانوا على خلاف مع (الاردلانيين) سنيّ المذهب فابتعدوا عن الكرد.

ويأتي الروزبياني على ذكر امراء دولة الشاهيني – نقلاً عن الكامل – وهم :

1- عمران بن شاهين

2- حسن بن عمران

3- حسين بن عمران

4- ابو الفرج محمد بن عمران

5- ابوالمعالي حسين بن محمد

6- مظفر بن علي ابو المعالي

7- مهذب الدولة (الامير مختار) علي بن نصر

8- ابوحسين احمد بن مهذب الدولة

ثم يعود الروزبياني الى ابن الاثير فيقول: لقد بين لنا ابن الاثير ماهية عمل(شاهين) الا انه قال عن (عمران) انه كان (قاطع طريق) اول الامر.

ثم يعلق الروزبياني قائلاً: مسكينة الامة الكردية، يساء الى سمعة قادتها العظام من قبل الاعداء , على مدى التأريخ ..

كان كتّاب التأريخ يرزحون تحت نفوذ أُمرائهم, فيكتبون ما يحلو و يروق لرؤسائهم.. لقد قيل عنا اننا من الجان وقيل ان اصلنا  من (الفرس) و قالوا عنا اننا لصوص وقطاع طرق وقالوا وقالوا...

وفي ختام حديثه عن دولة (الشاهيني) يتناول الروزبياني ببعض التفصيل ما كتب عن امراء الشاهيني, الثمانية، واحداً تلو الآخر حتى وصول السلطة الى مهذب الدولة  علي بن نصر الذي يقول عنه المؤلف:

.. ثم عاد المهذب الى الاهوار واستقبله الناس بحفاوة وادار شؤون البلاد حتى عام (409هـ – 1010م) حيث توفي, وكان من المقرر ان يحل ابنه محله ولكن ابنة شقيقة مهذب الدولة , ثارت ضد الامير الجديد وقتلته ثم قتّلت هي الاخرى وانفرط عقد (الشاهيني) و تلاشت الامارة وهذا هو سوء الحظ الذي لازم الكرد على مدى التاريخ..بعضهم لايقبل بالبعض الاخر

 
القسم الثالث والأخير

3- الشوانكاره

ومن الدول الكردية التي سيطرت على اجزاء كبيرة من اراضي كردستان التاريخية ,دولة (الشوانكاره) وقد حكمت (الشوانكاره) في مناطق (فارس) و (كرمان) (اصفهان) الايرانية .

و للحديث عن دولة (الشوانكاره) يستعير الملا جميل الروزبياني مؤلف كتاب (اربع كتب كردية) الكثير من كتاب (المسالك والممالك) لابن خردابة, ومن (صورة الارض) لابن حوقل البغدادي ثم يعدد ملوك وامراء الشوانكاره على النحو التالي:

- فضلوية بن علي بن حسن بن ايوب

- الملك حسن بن مبارز (خسرو)

- نظام الدين محمود بن يحيى حسنوية

- الامير مبارز الدين بن حسنوية

- ابن هزار اسب بن محمودية

- الملك مظفر بن محمد بن قطب الدين مبارز

- الملك قطب الدين مبارز الثاني

- الملك نصرت الدين ابراهيم بن غياث الدين

- بهاء الدين بن اسماعيل بن غياث الدين

- ناصر الدين محمود بن قطب الدين مبارز

- الملك غياث الدين محمد بن جلال الدين طبيب شاه ونظام الدين حسن

- الملك اردشير

وقبل ان يأتي الروزبياني على ذكر اعلام الشوانكاره وادبائهم وعلمائهم يقول:

وقد حافظ الشوانكاره على معتقداتهم الكردية القديمة ولكنهم، مثلهم مثل (الكاكائية) في ايران يعتبرون انفسهم من الشيعة.

ويعدد المؤلف عدداً من علماء الشوانكاره:

1- عوض الدين شوانكاره: وكان من علماء الدين البارزين و قد ارسل السلطان (محمد جونة) ملك الهند في طلبه حينما سمع عنه وارسل له (10) آلاف دينار الا ان عوض الدين لم يلب طلب الملك , و يبدو ان عوض الدين عاش في القرن الثامن حيث اشار اليه ابن بطوطة .

2- محمد علي شوانكاره : شاعر و مؤرخ ومن اصدقاء غياث الدين محمد وزير السلطان (ابو سعيد بهادر خان المغولي) وله العديد من الكتب اشهرها (مجمع انساب شوانكاره) .

3- عمر شوانكاره : واحد من اعلام عصره , له العديد من المؤلفات منها (اللطائف الملتئمة) و (الابيات الافراد الموربة على الحروف).

4- الشيخ شمس الدين محمد بن فخرالدين ابو بكر بن كمال شوانكاره.

5- محمد بن محمود بن محمد شوانكاره .

6- خواجة سيف الدين مظفر شوانكاره : كان واحداً من كبار عصره, بقي فترة من الزمن في (هراة) حيث نصبه السلطان ميرزا وزيرا له الا انه خلعه عن الوزارة  بعد فترة ثم امر بقتله .

7- خواجة غياث الدين منصور شوانكاره : وهو شقيق خواجة سيف الدين , وكان وزيراً لابي المحسن ثم تعرض للعقاب و سجن لفترة من الزمن واتجه الى هراة واصبح وزيراً الا انه مات بعد سنة.

4- المنتشاهي

والدولة الرابعة والاخيرة التي يتناولها كتاب الروزبياني (اربع دول كردية) هي دولة (المنتشاهي) حيث يقول:

… ان المصادر لا تتفق حول تاريخ نشوء هذه الدولة غير ان ابن المستوفي يقول:

1- ان ابناء المنتشاهي احتلوا معظم سواحل (انطاكيا) و(علائية) واللاذقية عام (682هـ-283م).

2-  الحاج بهاء الدين بك الكردي المعروف باسم (ابلستان) نصب من قبل السلاجقة, وكان في (علائية) واصبح والياً لسيواس والسواحل.

3- مسعود منتشاهي بن الحاج بهاء الدين بك الكردي, استطاع ان يدير الامارة بشكل مستقل بعد انهاء حكم السلاجقة من قبل المغول وهجم على قونية على رأس جيش قوامه عشرة آلاف رجل واحتلها.

4- شجاع الدين اوخان بك بن مسعود منتشاهي وكان ملكاً لميلاس.

5- ابراهيم بك بن اورخان بك.

6- تاج الدين احمد غازي بن ابراهيم, ويبدو انه تولى السلطة على السواحل حتى العام (786هـ-1384م) وقد عرف باسم (سلطان السواحل) وتوفي عام 793هـ.

7- محمد بك بن ابراهيم بك, سك النقود باسمه عام (786هـ-1386م).

8- مظفر الدين بك بن محمد بك, تولى العرش خلفاً لوالده.

9- ليث بن محمد بك, كان والياً على جزء من دولة المنتشاهي عام (1421م) وسك النقود باسمه.