ميرى ميران إبراهيم باشا المللي (١٨٤٣ – ١٩٠٨م) رئيس قبيلة ملان الباشا المشهورة في شمال كوردستان (الجزيرة). تولى رئاسة العشيرة بعد وفاة والده محمود بك أوائل حكم السلطان عبد الحميد الثاني. حكم ما بين مناطق ماردين وامد(دياربكر) وويران شهر حتى اطراف الموصل، بإمارة شبه مستقلة، عاصمتها بلدة (ويران شهر) ولقب بـ (ملك كوردستان غير المتوج)، وبلغ من الغنى حتى سمي بـ ( ثاني رجل غني في الشرق بعد السلطان عبد الحميد الثاني) احبه السلطان لدرجة كان يسميه في الرسميات بـ (الأبن).. ولكن بعد ضغط الأتراك الأحرار (الاتحاد والترقي)، على السلطان عبد الحميد الثاني في عام ١٩٠٨م، استنجد به السلطان عبد الحميد لمساعدته، حيث كان السلطان يثق به كثيراً، فذهب إبراهيم باشا إلى دمشق، محاولاً الذهاب منها إلى "الآستانة" عن طريق البحر المتوسط لإنقاذ السلطان وخليفة المسلمين من محنته، ولكن لم يتسن له أن يحقق ما يريد.. لأن الاتحاديين المطالبين بالدستور كانوا قد اعتقلوا السلطان وأودعوه السجن قبل وصول إبراهيم باشا، الذي كاد أن يعتقل هو أيضا في دمشق من قبلهم، لولا تحذير عبد الرحمن باشا الكوردي له.. حينذاك سارع إبراهيم باشا إلى إخراج جنوده ورجاله من دمشق وهربوا ليلاً متوجهين نحو الجزيرة، لتلاحقهم الجيوش التركية من حلب وماردين والرقة والموصل، ودارت بين الطرفين معارك متواصلة إلى أن تمكن الباشا ورجاله من اجتياز نهر الفرات والوصول إلى ويران شهر، عاصمته الشهيرة.. ومن هناك اضطر الباشا وقبيلته إلى حمل أمتعتهم واللجوء إلى جبل سنجار.. وفي الطريق خيم مع رجاله وأولاده في قرية صفيا الواقعة على بعد اثني عشر كيلو متراً شمالي مدينة الحسكة، وما لبث أن توفاه الله في نفس القرية وذلك في يوم ١٣ تشرين الثاني عام ١٩٠٨م، حيث تم دفنه في (خربة متعب)، الملاصق للقرية شرقاً، وفي بداية التسعينيات من القرن الماضي، نقل رفاته الى قمة (تل بيزارا)، شرق قرية صفيا بحدود كيلومترين. لتنتهي بموته (الإمارة المللية). وكان له من الأولاد: محمود بك وتمر بك وإسماعيل بك وعبد الرحمن بك وخليل بك. عشيرة مه لان :٥٨ قرية کُردية مللية في جزيرة غربي كُردستان
أكثر من ٥٨
قرية
كُردية
مللية
في
جزيرة
غربي
كُردستان ( الجزيرة السورية ) تمّت مصادرتها
من قبل السلطات القمعية السورية
في بداية الستينات.
الكُرد و دورهم في حماية الأرمن أثناء عملية ابادة الكبرى منذ أن بدأتُ بقراءة التاريخ بشكل عام و موضوع مجازر الأرمن على يد العثمانيين بشكل خاص ، صار من أولوياتي الاهتمام بهذا النسل العظيم ، و خاصة كل من كان له دور بمساندتنا كأرمن مسيحيين وحمايتنا من بطش آل عثمان الطورانيين ، ويرافق ذلك رفضي المطلق تجاه الاتهامات الباطلة بحقّ الإخوة الكُرد بتورطّهم بهذه المجازر ، خاصة أنّ الكُرد و الأرمن ينحدران من أصل واحد وهو القومية الآرية حيث انفصلا عبر الزمن بسبب المفاهيم الدينية و أصبح لكلّ منهم خصوصيّته ،وكذلك أكدت أبحاث العالمة الإيطالية سونيا التي أكدت التشابه الانثروبولوجي التام بين الأرمن و الكُرد من حيث شكل الجماجم المسطحة والعيون الواسعة ، و سنسرد بعض الحقائق التي تدحض قيام الكُرد كمؤسسات بمساعدة الأتراك العثمانيين وذلك لتوريط المتشددين والجهال حتى بعض آغاوات الكُرد الإقطاعيين الذين ﻻيمثلون إلا مصالحهم ، وطبعاً تورط هؤلاء تعتبر حالات فردية تهدف لمصالح شخصية لا تعمّم على شعب يعتبر الأقرب للشعب الأرمني ، فهذا لا يعني أنّ الشعب الكُردي ارتكب المجزرة أو تورط فيها كشعب ! فقد أكد البطريرك الأرمني لقنصل روسيا في اسطنبول بأنّ الكُرد والأرمن عاشوا سوياً منذ آﻻف السنين ولم يكن بينهم إلا أخوة ومحبة ، وكذلك ذكر عبد الرحمن بدرخان في مقدمة العدد٢٧ من جريدة كُردستان كلام الشيخ عبدالله النهري الذي رفض اﻻشتراك في قتل الأرمن معتبراً الأرمن أخوة المصير المشترك . وقد حاولت الدولة العثمانية إلصاق التهمة بالكُرد من خلال فرسان الحميدية ولكن هوﻻء كانوا مجرد جنود يتلقون الأوامر من الباب العالي ، و المفاجئة هي أنّ كومندان فرسان الحميدية الكُردي و رئيس عشائر الملان ابراهيم باشا المللي الذي كان قائداً لفرسان الحميدية قام باستقبال ما يقارب من ١٠ إلى ١٥ ألف أرمني وحمايتهم في ويران شهر عاصمة الإمارة المللية ، ويران شهر التي التقى الباحث الكُردي الشاب جوان سعدون ببعض من سكانها ووجهائها وأحفاد ابراهيم باشا والذين أكدوا جميعاً حدوث هذا الأمر في ويران شهر ، وبحث أيضاً في الأرشيف العثماني الذي من خلاله اكتشف توتر العلاقة بين سلطات العثمانيين و كومندان فرسان الحميدية ابراهيم باشا المللي منذ بداية تسلّمه المنصب ، والجدير بالذكر أن الكومندان ابراهيم باشا المللي توفي إرهاقاً بسبب كبر سنه أثناء معركة شرسة قام بها ضد الجنود الأتراك بالقرب من الحسكة بين عامي ١٩٠٧-١٩٠٨م ، وقد أكدت القنصلية البريطانية في حلب أثناء زيارة بعض زعماء الكُرد لها عام ١٩١٨م بأنّ الكُرد قاموا بحماية إخوتهم الأرمن أثناء عملية الإبادة الجماعية . تبقى للأحداث تفاصيل كثيرة و دلائل فائضة ستظهر قريباً فلا حقّ يضيع ، و في النهاية يبقى الكُرد و الأرمن شعب واحد ، وتاريخ واحد ، ومصير واحد .
إنّ العلاقات الكُردية الأرمنية كانت دائماً علاقات ود و إخاء منذ مجاورة الشعبين التاريخية لبعضهم البعض وحتى التاريخ الحديث . سنتحدث مثلاً على الوجه الخصوص في فترة ما قبل المجزرة الكبرى ولا سيما عام ١٩١٢ م أثناء الانتفاضة الكُردية التي حصلت في كلّ من ولايات ” موش ، بدليس ، ديار بكر ، ماردين ” ، حيث طلب الأتراك من الأرمن حمل السلاح ضد الكُرد لكنهم رفضوا ذلك ، حتى بعد المجزرة الأرمنية الكبرى و ثورة الشيخ سعيد بيران عام ١٩٢٥ م حيثُ حصلت لقاءات كثيرة بين حزب الاتحاد الثوري الأرمني (طاشناق) و حزب خويبون الكُردي بهدف التنسيق والتعاون ضد الأتراك . وقد قال الباحث والمؤرخ الأرمني أرشاك عن هذه اللقاءات أنّها خيرُ دليل على عمق العلاقة و أواصر المحبة بين الشعبين. أمّا الباحث الكُردي الشاب جوان سعدون فقد استنتج من خلال بحثه في المراجع “١ ” و “٢” : “أنّه بالرغم من تورّط ما يقارب ثلاثة آلاف كُردي تابعين لزعيم عشيرة زيلان الكُردية في مجزرة أرمنية ارتُكبت في قرى أرمنية في ساسون عام ١٨٩٦ م ، و أيضاً تورّط مئات الرجال المرتزقة من عشيرة مزرك الكُردية عند استئجار العثمانيين لهم في ذبح بعض الأرمن عام ١٨٩٧ م في مدينة وان في شمال كُردستان (شرق تركيا)، فإنّ العلاقات الودية استمرّت مستقبلاً وظهرت في العديد من الاتفاقيات العسكرية والسياسية بين الأرمن والكُرد خاصة أثناء انتفاضة جبال آرارات بين عامي ( ١٩٢٧-١٩٣٠) م بقيادة الجنرال إحسان نوري باشا ، لذلك لا يجوز تحميل الشعب الكُردي ذنب المجازر الأرمنية التي حصلت على يد العثمانيين الأتراك وبعض الكُرد المرتزقة و المتشددين دينياً التابعين لبعض العشائر الكُردية” . لذلك وكما تحدثنا في مقالات سابقة عن دور ابراهيم باشا المللي زعيم عشائر الملان و مصطفى باشا زعيم عشائر الميران في حماية الأرمن ، سوف نتناول في هذا النص عن دور آغاوات عشيرة عباسا الكُردية المتواجدة في غربي كُردستان (شمال سوريا حالياً) في حماية الأرمن كذلك . حيثُ يعتبر رميلان آغا “٣” وهو أحد الآغوات الكُرد من الذين كانت لهم يد بيضاء في الأزمة الأرمنية أثناء عملية الإبادة الكبرى , وخاصة في قريتي كانيا گركي عباسا ورميلان الشيخ حيثُ لا يزال أحفاد أولئك الأرمن الذي احتموا بعشيرة عباسا الكُردية هناك يستذكرون فضلهم في ذلك . أما نجيم آغا “4” الملقب بروتو وهو آغا ديركا چيايي مازي التابعة لماردين فقد قام بحماية الأرمن والسريان معاً , وباعتراف من السيد حنا قس آزخ الذي كان على علاقة جيدة معه , وقد عُرفت تلك العائلات بـ “مسيحية نجيم” أو باسم ” روتا ” . يقول المؤرخ الأرمني الشاب بهجت أحمد هوفانيسيان أنّ ” جدي القس الأرمني موفسيس هوفانيسيان احتمى بعشيرة عباسا في قرية تل زيارات عباسا و تزوج بأحد أقرباء رميلان آغا كبادرة حسن نية و شكر على حمايتهم ورفضه تسليمهم للأتراك” . – إنّ أكثر ما يدلّ على حماية الكُرد للأرمن بدافع المحبة و الإخاء هو مساعدة ابراهيم باشا المللي و مصطفى باشا الميراني و نجيم آغا العباساني لهم وحمايتهم بدون أي انحياز سياسي للعثمانيين و خاصة أنّه كانت هناك عداوة بين كل من ابراهيم باشا و مصطفى باشا و بين ابراهيم باشا ونجيم آغا . .. دلالات الأرقام : 1- Kurds, E.J. Brill’s first encyclopaedia of Islam, 1913-1936 , p. 1133, By M. Th Houtsma Published by BRILL 2-Ministère des affaires étrangères, op. cit., no. 212. M. P. Cambon, Ambassadeur de la Republique française à Constantinople, ŕ M. Hanotaux, Ministre des affaires étrangères, p. 239; et no. 215 p. 240. 3- رميلان آغا وهو ابن دلي آغا بن دلي آغا بن چولو بگ ، و قبر رميلان الشيخ موجود حالياً في قرية علوانكا و الصحفي الكُردي دارا شيخي أحد أحفاده . وقد سُميت مدينة الرميلان النفطية الواقعة في غربي كُردستان (شمال شرق سوريا حالياً ) باسمه . 4- نجيم آغا وهو ابن أيو بن عڤدي بن مصطفى بن محمد بن چولو بگ بن حسن . الصورة لنجيم آغا وقبره و صورة لمقبرة جماعية لضحايا الأرمن . دارا شيخي / صحفي كُردي –Dara Şhaxê بهجت أحمد هوفانيسيان / ماجستير في التاريخ –Bahjat Ahmad جوان سعدون / Juan Saadoon / باحث في التاريخ الكُردي |