الهجرة القسرية للكورد السوفيت....... الدكتور محمد أحمد برازي - كازاخستان
الهجرة القسرية للكورد السوفيت.................. الدكتور محمد أحمد برازي -
كازاخستان
مرة أخرى نجد أنفسنا أمام أحد الكوارث التي ألمت بالإنسان الكوردي. هذه المرة ليست
ضمن حدود كوردستان؛ إنما على بعد 6000 كم منها وفي دولة كازاخستان – تحديداً في
جنوبها - في محافظة شمكينت الواقعة على حدود دولة اوزبكستان.
تم الكشف عن هذه المقبرة الجماعية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. ذكرنا في بحوث
سابقة عن الهجرات القسرية التي لحقت بأبناء الشعب الكوردي في دولة العمال والفلاحين
الإنسانية؛ حيث كانت هناك ثلاث هجرات جرت على التوالي في الأعوام التالية: 1937 وهي
الأولى – و في 1946 كانت الثانية والأخيرة يمكن اعتبارها اختيارية؛ حيث حدثت في
1989م.
ضمت هذه المقبرة المكتشفة حديثا رفات أبناء الهجرة القسرية الأولى. ودلت الأبحاث
على أنها الأولى من نوعها في ظل النظام الشيوعي بحق المهجرين قسرا من الكورد آنذاك.
كانت الدعاية الشيوعية وقتها توهمنا بتمتع القوميات المضطَهَدة بكامل حقوقها وأن
النظام أي النظام الشيوعي هنا هو المثل الأعلى في هذا المجال. لكن، على ما يبدو،
كان الشعب الكوردي مستثنى منه. لقد ذاق هذا الشعب كل أنواع الظلم والاضطهاد في معقل
الشيوعية ذاتها. حيث هجر من أرضه وأبيد أبناءه وشتت من بقي حيا من بعد الإبادة.
عندما نطلع على أوضاع الكرد أينما وجدوا نلمس أن ما قاله أرشاك عن الكرد لم يكن
جذافا؛ حيث يقول: " لا توجد قومية قد ظلمت مثلما ظلمت القومية الكردية في نهاية
القرن التاسع عشر".
من أين جاء الكورد إلى أسيا الوسطى؟
كما ذكرت سابقاً في مقالتي عن كورد كازاخستان.
بعد نجاح الثورة البلشفية في روسيا جرى تنظيم وترتيب آخر لشعوب الإمبراطورية ومن
ضمنها كان النظر إلى وضع الشعب الكردي القاطن على أرضه هناك. فتم اقتراح مشروع
الإعلان عن كردستان الحمراء في عهد لينين. وبالفعل بدأ بالمشروع وتم تعين المناطق
التابعة لها، غير أنها ذهب ضحية الاتفاق الموقع بين جوزيف ستالين والحكومة الكمالية
في تركيا. فبموجب تلك الاتفاقية تم القضاء بشكل تدريجي على كردستان الحمراء. لم يقف
مفعول تلك الاتفاقية بسحب الاعتراف عنها فحسب، بل عملت على تهجير الكرد من أراضيهم
قسرا، حتى يفقدوا حقهم الشرعي في ملكية تلك الأراضي. فحدث أن كانت أول هجرة قسرية
في عام 1937م، وكانوا يطلقون على أبناء وأحفاد أولئك المهجرين وقتها بالمهجرين
قسرا.
عندما نستمع إلى معاناتهم أثناء الهجرة نجدهم قد شحنوا في عربات القطارات المخصصة
للمواشي، ولم يكن هناك تميز بينهم وبين المواشي المشحونة معهم من حيث التعامل.
فكانوا هم والمواشي نزلاء في عربة واحدة، إن دل هذا على شيء؛ إنما يدل أن أولئك
الكرد قد اعتبروا مواشي لا أكثر في ظل الستالينية. هجروا في فصل الشتاء؛ حيث الثلوج
والصقيع القاتل، مات العديد منهم أثناء عملية الشحن. لم يكن معلوما للمشحنين إلى
أين يُشحنون، والأمرّ من هذا أنهم لم يبلغوا عن موتاهم أثناء الشحن من أجل دفنهم،
لكون السلطات الستالينية كانت ستلقى بجثثهم في الأنهار أو في العراء على الثلج
لتكون غذاء للذئاب والوحوش، وهذا ما يخالف العقيدة الدينية والأعراف والتقاليد
الكوردية. هذه الحالة النفسية التي رافقت المشحنين كانت أشد قسوة عليهم. يقولون: هل
يملك المرء صوابه عندما يرى عزيزا عليه قد فارق الحياة أمام ناظريه ولا يستطيع دفنه
بما يلق به، والأسوأ منه أن يرى جثته تتفسخ أمام ناظريه وتزكم رائحتها أنفه. يقولون
هذا والدموع تنهمر من أعينهم وتتغير ألوان وجوههم. حقا إنها لمأساة لا يتصورها بني
البشر.
بعد وصولهم إلى صحراء آسيا الوسطى، و تحديداً في بقعة أرض تدعى كاسكه بولاك، وفيما
بعد سميت بقرية كاسكة بولاك، التي كانت خالية تماماً من البشر، يتذكرون ذلك بأنها
كانت أرضا صحراوية مقفرة تغطيها الثلوج. بعد وصولنا بيوم جلبوا لنا بعضا من الخيم.
فكانت كل خيمة لعشرة أشخاص لم تكن واقية ضد البرد. (تصوروا!) كان الأطفال والنساء
يسكنون معا؛ بينما الرجال في خيم منفصلة، هكذا تفرقت العائلات وتحولت إلى مجموعات
أطفال ونساء لوحدهم والرجال لوحدهمً. يروي لنا الأكاديمي نادير كريموفيتش ناديروف:
كنت صغيراً آنذاك ولم أتجاوز الخمس سنوات فكنت اسكن مع والدتي في الخيمة ومع نساء
وأطفال آخرين. عندما حل الربيع بنينا بعضا من البيوت من اللبن. بعدها بدأنا نشعر
بدفء الحرارة وصار آثار الحزن والألم تتلاشى شيئا فشيئا عن ملامح وجهنا.
في إحدى ليالي شهر نيسان وصلت إلى تجمعنا السكني سيارات عسكرية فاختبأ رجالنا
في الوديان خوفا منهم، غير أنهم أعلمونا بأن مجيئهم هو بأمر من القيادة في موسكو
وسببه هو أخذ كل من بلغ الثامنة عشر وما فوق إلى الخامسة والستين من الرجال
لتشغليهم في شتى الأعمال، فزغردت النساء وتهللنا نحن الأطفال بهذا النبأ السار
مقلدين أمهاتنا. عندما بدأوا بفرز الرجال للعمل لاحظنا أنهم يضمون من هم أقل سنا من
الثامنة عشر إلى المفرزين، ولكننا لم نتوقع أي شيء آنذاك، هكذا تم فرز ستين فردا
وركّبوهم تلك السيارات ومضوا بهم، في حين كنا نستبشر بأن يعودوا إلينا بالمال بما
يساعدنا في عيشنا هنا، حصل أنهم لم يعودوا إلى هذه اللحظة. هكذا يتمت حكومة العمال
والفلاحين العائلات الكوردية المهجرة قسرا. فهذه الجريمة البشعة وصمة عار في جبين
الشيوعية. تبين فيما بعد أن عدد الكرد الذين تم قتلهم أثناء تلك الهجرة قد تجاوز
مائتي شخص.
المقابر الجماعية:
منذ انهيار الإمبراطورية الشيوعية نكتشف يوما بعد آخر المقابر الجماعية ونتفاجأ
بجرائم أجرت بحق شعوبها لم تكن بالحسبان.
كان كل شعوب الإمبراطورية ملكا مشاعا للحزب الواحد ولقيادته في موسكو، تتصرف بهم
كما تشاء دون رقيب أو حسيب. تبين بعد انهيار هذه القوة الباطشة بالإنسان أنها كانت
تستهدف القوميات الصغرى بشكل خاص من أجل القضاء عليها.
لم تقتصر الإبادات الجماعية على الشعب الكوردي فحسب، بل تعدته إلى القوميات الصغيرة
الأخرى أكثر من غيرها. ربما كان نصيب الكورد أكبر من غيرهم من القوميات، ولكن يبقى:
أن الإبادة كانت مبرمجة من أجل محو وإزالة هذه القوميات من الوجود في دولة العمال
والفلاحين.
كشف إعلام روسيا الفدرالية في الآونة الأخيرة عن تورط بعض القياديين السوفيت في
أعمال التجسس والخيانة للدولة والحزب معا. على سبيل المثال لا الحصر بثت القناة
الروسية (ORT) فيلما وثائقيا بتاريخ18/5/2009م عن تورط الرفيق بيريا الساعد الأيمن
للرفيق جوزيف ستالين في عملية تجسس لصالح بريطانيا العظمى. وهذا غيض من فيض فيما
يفاجئنا به ذلك الإعلام بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عن تلك الحقبة التي، على ما
يبدو، كانت مظلمة بكل ما في الكلمة من معنى، على الأقل للقوميات الصغيرة كالشعب
الكوردي مثالا لا حصرا. وفيما مضى إبان فترة البريسترويكا نشرت وسائل الإعلام وقتها
عن عدد ضحايا حرب العالمية الثانية بأن الرقم المعلن عنه مبالغ فيه، لقد أضيف إليه
عدد ضحايا الستالينية مستهدفا تخفيض عدد من لاقوا حتفهم على يد ستالين، لكي يبدو
مقبولا في نظر الرأي العام العالمي والمحلي (حسب منشورات فترة بريسترويكا).
بمراجعة حالة وطبيعة القوميات الصغيرة نقع في حيرة ودهشة كبيرتين، حيث لم تكن هذه
القوميات عدوانية أو معارضة للنظام أو قوية تهدد دولة العمال والفلاحين. كانت
مسالمة مطيعة وملتزمة بما يصدر عن القيادة في موسكو، فالإبادة التي طالتهم من دون
مبرر ما هي أسبابها وما الغاية منها، يبقى لغزا محيرا لنا. عندما نتساءل ما الفائدة
من إبادتها في دولة وضعت القوانين فيها للحفاظ على القوميات مها صغرت. لا نجد جوابا
شافيا، حين نسأل لصالح من كانت إزالتهم ضرورية، لا يسعنا الإجابة عليه أيضا.
حسب مصادر كورد السوفيت قبل الإبادة الجماعية للكرد كان عددهم يتجاوز المليون
بكثير. أظهرت إحصائيات عام 1979م أن عدد الكرد في جميع أنحاء الاتحاد السوفيتي بلغ
مائة وستة عشر ألف شخص.
كيف اكتشفت المقبرة الجماعية في كازاخستان؟
شيء عن حديقة الأطفال كين باباي
أسئلة محيرة
هذه الإبادة بالذات لها مدلول غير مدلول الإبادات في تركيا الكمالية ولا في عراق
صدام ولا في إيران الشاه والخميني. فهذه الدولة الأممية قد أبادت ما يزيد عن مليون
كوردي لا يدع مجالا للشك أن في الأمر شيء مهم يستوجب اكتشافه ومعرفة دواعيه.
عندما نُقتل على يد الكماليين نعلم أنهم يريدون بذلك زيادة رقعة أرضهم لصالح بني
جنسهم؛ وكذلك العربي والفارسي؛ بينما ما هي مصلحة إمبراطورية متعددة القوميات
والأعراق والأجناس في قتل كورد هم كغيرهم من القوميات المنضوية تحت لوائها.
فالأسئلة المطروحة في هذه الحالة: لمصلحة من نُقتل بهذا العدد الهائل؟ لماذا يُقتل
الكورد ويُباد من دون أن يكون لديهم مطمع في السلطة أو عداء ضد أيديولوجية معينة في
دولة الأممية؟ لم يكن الكورد على في ذلك المستوى حتى يكونوا أداة بيد الدول
المجاروة لاستخدامهم في هدم الأممية؟ كان الجوار ممن اقتسم أرض الكورد. كما لا
يتبادر إلى الذهن أن تخدم دولة الأممية مآرب مقتسمي كوردستان لإبادة الكورد؛ حيث
تلك الدول كانت في المعسكر المعادي للأممية ودرع الغرب الرأسمالي لمنع انتقال
العدوى إلى أصدقائه ومن ثم إليه.
لا أحب أن أطيل الحديث وأكثر من الأسئلة وهي كثيرة تتلاطم أمواجها في مخيلتي؛ وإنما
أدعو الجميع إلى التمعن والتفكير فيما أصابنا في هذا الجزء من أرضنا والذي ضاع من
دون رجعة.
كورد آذربيجان (الحلقة الثانية)................ الدكتور محمد أحمد البرازي
كانت تحكم تلك المناطق وتمتد إلى أصقاع بعيدة منها؛ حيث الإمبراطورية الميدية. إذن
الكورد لم يكونوا غرباء على تلك الأراضي، بل كانت منطلق عظمتهم ومجدهم. ربما ليس
بوسع القارئ غير الملم بالتاريخ الكوردي أن يعرف أنه في هذه المناطق بالذات كان
للكرد شأن عظيم حاز على تقدير واحترام دول الجوار في تلك العهود. وسطر التاريخ لهم
أمجادا خالدة الذكر حتى يومنا هذا.
الدول الكوردية في هذه المناطق
حكم الكورد هذه المنطقة كالمروانيين الذين بسطوا حكمهم إلى أجزاء من آذربيجان
الحالية، والرواديون من (844-1221) ميلادية. وجدير بالذكر أن صلاح الدين الأيوبي
ينحدر من إحدى مدن تلك المنطقة في آذربيجان. لقد سكتا النقود وشيدا القلاع والحصون،
ويشهد قطع من نقودهما المحفوظة الآن في المتحف الملكي السويدي، والمتحف النرويجي.
قبل هاتين الدولتين حكمت إمبراطورية ميديا تلك المناطق. بهذه الإشارة المقتضبة نرى
أن أجزاء مهمة من كوردستان في طريقها إلى الزوال.
عدد الكورد منذ القرن التاسع عشر
كان عدد العائلات الكوردية بداية القرن التاسع عشر (910) عائلة كوردية. متوزعة على
(44) أقضية، إبان الحكم القيصري. لاحظ الروس شكيمة الكورد وجلدهم وشجاعتهم
كمحاربين، فاستغلوا هذه الناحية، عندما أمر اللواء سيسلوف العقيد لوريسيملكوف
بتجنيد الكورد وتدريبهم على الفنون الحربية لحماية حدود روسيا القيصرية مقابل
إعفائهم من الضرائب المترتبة عليهم.
التطهير العرقي للكورد
قضية التطهير العرقي للكورد في آذربيجان ليست وليدة البارحة أو اليوم؛ إنما تعود
إلى أيام السلاجقة الذين قضوا على الدولة الكوردية هناك. فقاموا بمحو آثار الكورد
وكل ما هو كوردي. إلا أن الوجود الكوردي لم يتأثر بذلك القدر الذي تأثر به إبان
الحكم السوفيتي وتأسيس الدول الكمالية في تركيا الحالية. حيث لا زالت مناطق شاسعة
من كوردستان هناك تحمل أسماء كردية مذكِّرة إيانا بأيام مجدهم الغابر عبر قرون من
الزمن. بالرغم من محاولات الشوفينيين من أبناء القومية الآذرية ظلت مدن وقرى محتفظة
بأسمائها التليدة. يقول شامل عسكروف – رحمه الله – في كتابه غير المطبوع (بحث عن
الكورد في آذربيجان) أنه لا زالت هناك مائة وأربعين قرية تحمل أسماء كردية. كما
يؤكد أن أكثر من عشرين قضاء وناحية لم تضم إلى كوردستان الحمراء (وقتها) ضمن
الأراضي الآذربيجانية لا زالت بأسمائها الكردية أيضا.
إليكم بعضا منها:
يؤكد عدد كبير من الباحثين عن انتماء هذه المناطق إلى الكورد، وما وجود المناطق
والقرى والمدن بأسمائها الكوردية سوى تأكيد شديد على كورديتها. بالرغم من عمليات
الصهر والإذابة للسكان الكورد ظلت بعض المناطق بأسمائها الكوردية الصرفة. على سبيل
المثال لا الحصر نورد بعضا من الأسماء لهذه المناطق والتي تعد بقايا الدولة
الراوندية والشدادية. مثل-قره كورد,كورد غرالي ,كوردالي ,كوردباسلي,كوردلابوك,كورد
حجي,كورد بيرياميان, بخجاكورد,كورد محمودلي ,كورد شابان. هذه المناطق لم تلحقها
الدولة السوفيتية إلى كوردستان الحمراء عندما دخل المشروع حيز التطبيق. فهي الآن
تابعة لآذربيجان، وتنكر الجهات الرسمية تنسيبها إلى الكورد أو ربطها بالمناطق
الكوردية المتعارف عليها.
لم تقف علميات الصهر للكورد عند حد إجباره على نسيان لغته فحسب، بل أجبرته إلى
تغيير مذهبه. فمعظم الكورد هم من السنة إلا أن الحكومة الآذربيجانية نتيجة مشاريعها
التصهيرية ألزمتهم بالعدول عن المذهب السني إلى المذهب الشيعي.
عندما نتابع مسيرة صهر الكورد من أيام روسيا القيصرية إلى دولة العمال والفلاحين،
نلاحظ أكثر ما أصاب الكورد من صهر هو إبان العهد السوفيتي. يقول السفير الروسي لدى
إيران في القرن التاسع عشر بافيل ليرخ أن عدد الكورد المتواجدين في آذربيجان
الإيرانية (آنذاك) حوالي مائة ألف كوردي، كما يقول بأنه تم صرهم حتى غدا من يتكلم
الكوردية حوالي ثلاثة آلاف؛ بينما تقلص العدد الإجمالي مع مرور الزمن حتى وصل إلى
حوالي بضعة آلاف.
الكورد في الاتحاد السوفيتي السابق
تشير إحصائيات عام 1959م أن الكورد المتواجدون في جميع أنحاء الاتحاد السوفيتي قد
بلغ عددهم 58 ألف شخص، ويزداد هذا العدد مع عدد الإحصاءات التي أجريت للسكان
وقتذاك، فيبلغ عددهم حسب إحصاء عام 1979م مائة وستة عشر ألف شخص. ومن المفارقات
العجيبة أن عدد الكورد في آذربيجان حسب إحصاء تلك السنة صفر!! يقول أحد كورد
آذربيجان واسمه ساري حسينوفيتش بأنه لم يسجل كل كوردي رفض أن يتنازل عن هويته
الكوردية. وسبب ذلك لنا مشكلة عويصة. يقول باري بالايف: كنت موجودا في آذربيجان
أثناء تعداد السكان ورأيت بأم عيني كيف كان يسجل الكوردي قسرا كآذري، وكيف من كان
يرفض ذلك يُرَحّل أو يسجن. والشواهد على هذا التصرف الشوفيني كثيرة ولكني اكتفيت
بهذين الشاهدين ليكون القارئ الكريم مطلعا على ما عاناه الكورد من جراء تصرف
الشوفينيون تجاهه. في الواقع يزيد عدد الكورد المتواجدين في آذربيجان أكثر من نصف
مليون إلا أن الحكومة الآذرية لم تكن تعترف بوجودهم إلا بعدد قليل، ولكن بعد انهيار
الاتحاد السوفيتي ارتفع العدد إلى أن وصل في الوقت الحالي حوالي خمسة آلاف شخص أو
يزيد قليلا.
سياسة الدولة حيال الكورد هناك
السياسة الرسمية للدولة تجاه الكورد، هناك، شبيهة بالسياسة الرسمية المتبعة في
تركيا وإيران تجاههم أي أن الكوردي محارب بشدة من أجل التنازل عن هويته الكوردية
والانصهار في القومية الآذرية، ولكن لم يمنع هذا أن يتواجد العديد من الكورد في
المراكز العليا من الدولة. هؤلاء لا يستطيعون الكشف عن هويتهم الكوردية خوفا من
إبعادهم عن الوظيفة، على أقل تقدير، ولا يستثنى الترحيل في هذه الحالة. فالسياسة
المعادية للكورد والممتدة بشكل قوي من عهد السوفيت لا زالت سارية المفعول. من جهة
فوجود الكورد في المراكز المهمة من الدولة يعطي أملا في رفع هذا الصهر المطبق بحق
الكورد.
تراودني أسئلة كثيرة في هذا الأمر، ولكن أشد ما يؤلمني هو لماذا خدمنا بصدق وإخلاص،
ولماذا تلقينا مقابلها كل ما هو سيء؟
لنا لقاء آخر مع حلقة أخرى |